المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا} (21)

21- قال الملك : الأمر كما قلت : لم يمسك رجل . قال ربك : إعطاء الغلام بلا أب علي سهل ، وليكون ذلك آية للناس تدل علي عظيم قدرتنا ، كما يكون رحمة لمن يهتدي به . وكان خلق عيسى أمراً مقدراً لا بد منه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا} (21)

{ قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ ْ } تدل على كمال قدرة الله تعالى ، وعلى أن الأسباب جميعها ، لا تستقل بالتأثير ، وإنما تأثيرها بتقدير الله ، فيري عباده خرق العوائد في بعض الأسباب العادية ، لئلا يقفوا مع الأسباب ، ويقطعوا النظر عن مقدرها ومسببها { وَرَحْمَةً مِنَّا ْ } أي : ولنجعله رحمة منا به ، وبوالدته ، وبالناس .

أما رحمة الله به ، فلما خصه الله بوحيه ومن عليه بما من به على أولي العزم ، وأما رحمته بوالدته ، فلما حصل لها من الفخر ، والثناء الحسن ، والمنافع العظيمة . وأما رحمته بالناس ، فإن أكبر نعمه عليهم ، أن بعث فيهم رسولا ، يتلو عليهم آياته ، ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، فيؤمنون به ، ويطيعونه ، وتحصل لهم سعادة الدنيا والآخرة ، { وَكَانَ ْ } أي : وجود عيسى عليه السلام على هذه الحال { أَمْرًا مَقْضِيًّا ْ } قضاء سابقا ، فلا بد من نفوذ هذا التقدير والقضاء ، فنفخ جبريل عليه السلام في جيبها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا} (21)

16

( قال : كذلك قال ربك : هو علي هين . ولنجعله آية للناس ، ورحمة منا ) . .

فهذا الأمر الخارق الذي لا تتصور مريم وقوعه ، هين على الله . فأمام القدرة التي تقول للشيء كن فيكون ، كل شيء هين ، سواء جرت به السنة المعهودة أو جرت بغيره . والروح يخبرها بأن ربها يخبرها بأن هذا هين عليه . وأنه أراد أن يجعل هذا الحادث العجيب آية للناس ، وعلامة على وجوده وقدرته وحرية إرادته . ورحمة لبني إسرائيل أولا وللبشرية جميعا ، بإبراز هذا الحادث الذي يقودهم إلى معرفة الله وعبادته وابتغاء رضاه .

بذلك انتهى الحوار بين الروح الأمين ومريم العذراء . . ولا يذكر السياق ماذا كان بعد الحوار ، فهنا فجوة من فجوات العرض الفني للقصة . ولكنه يذكر أن ما أخبرها به من أن يكون لها غلام وهي عذراء لم يمسسها بشر ، وأن يكون هذا الغلام آية للناس ورحمة من الله . أن هذا قد انتهى أمره ، وتحقق وقوعه : ( وكان أمرا مقضيا )كيف ? لا يذكر هنا عن ذلك شيئا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا} (21)

جواب المَلَك معناه : أن الأمر كما قلت ، نظير قوله في قصة زكرياء : { كذلك قال ربك هو علي هين ، } وهو عدول عن إبطال مرادها من المراجعة إلى بيان هون هذا الخلق في جانب القدرة على طريقة الأسلوب الحكيم .

وفي قوله { هو علي هين } توجيه بأن ما اشتكته من توقع ضدّ قولها وطعنهم في عرضها ليس بأمر عظيم في جانب ما أراد الله من هدي الناس لرسالة عيسى عليه السلام بأن الله تعالى لا يصرفه عن إنفاذ مراده ما عسى أن يعرض من ضر في ذلك لبعض عبيده ، لأنّ مراعاة المصالح العامة تقدم على مراعاة المصالح الخاصة .

فضمير { هو علي هين } عائد إلى ما تضمنه حوارها من لحاق الضر بها كما فسرنا به قولها { ولم يَمْسَسني بَشَر ولم أكُ بَغِياً } . فبين جواب الملك إياها وبين جواب الله زكرياء اختلاف في المعنى .

والكلام في الموضعين على لسان المَلك من عند الله ، ولكنه أسند في قصة زكرياء إلى الله لأن كلام المَلك كان تبليغَ وحي عن الله جواباً من الله عن مناجاة زكرياء ، وأسند في هذه القصة إلى الملَك لأنه جواب عن خطابها إياه .

وقوله { ولنجعله } عطف على { فأرسلنا إليها روحنا } باعتبار ما في ذلك من قول الرُّوح لها { لأهب لك غلاماً زكياً ، } أي لأن هبة الغلام الزكي كرامة من الله لها ، وجعله آية للناس ورحمة كرامة للغلام ، فوقع التفات من طريقة الغيبة إلى طريقة التكلم .

وجملة { وكان أمراً مقضياً } يجوز أن تكون من قول الملك ، ويجوز أن تكون مستأنفة . وضمير { كان عائد إلى الوهْب المأخوذ من قوله لأهب لك غلاماً } .

وهذا قطع للمراجعة وإنباء بأن التخليق قد حصل في رحمها .