في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا} (21)

16

( قال : كذلك قال ربك : هو علي هين . ولنجعله آية للناس ، ورحمة منا ) . .

فهذا الأمر الخارق الذي لا تتصور مريم وقوعه ، هين على الله . فأمام القدرة التي تقول للشيء كن فيكون ، كل شيء هين ، سواء جرت به السنة المعهودة أو جرت بغيره . والروح يخبرها بأن ربها يخبرها بأن هذا هين عليه . وأنه أراد أن يجعل هذا الحادث العجيب آية للناس ، وعلامة على وجوده وقدرته وحرية إرادته . ورحمة لبني إسرائيل أولا وللبشرية جميعا ، بإبراز هذا الحادث الذي يقودهم إلى معرفة الله وعبادته وابتغاء رضاه .

بذلك انتهى الحوار بين الروح الأمين ومريم العذراء . . ولا يذكر السياق ماذا كان بعد الحوار ، فهنا فجوة من فجوات العرض الفني للقصة . ولكنه يذكر أن ما أخبرها به من أن يكون لها غلام وهي عذراء لم يمسسها بشر ، وأن يكون هذا الغلام آية للناس ورحمة من الله . أن هذا قد انتهى أمره ، وتحقق وقوعه : ( وكان أمرا مقضيا )كيف ? لا يذكر هنا عن ذلك شيئا .