تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا} (21)

الآية 21 : وقوله تعالى : { قال كذلك قال ربك } أي أخلق بسبب وبلا سبب .

وقوله تعالى : { هو علي هين } أي خلق الشيء بسبب وبغير سبب هين علي . وقال بعضهم : قوله : { كذلك قال ربك } للأنبياء الذين كانوا من قبل : إنه يخلق ولدا بلا أب ولا أم .

وقوله تعالى : { ولنجعله آية للناس } أي نجعل ولادة بلا أب على ما أخبر الأنبياء من قبل آية للناس لرسالتهم لأنهم أُخبروا أنه يولد بلا أب{[11942]} ، فكان ما أخبروا . فدل ذلك أنهم إنما عرفوا ذلك بالله ، فيكون ذلك آية لصدقهم ، ويكون قوله : { وكان أمرا مقضيا } أي ذلك الخبر الذي أخبر الأنبياء من قبل ، والوعد الذي وعد لهم ( كان ) {[11943]} أمرا مقضيا كائنا .

وقال أهل التأويل في قوله : { ولنجعله آية للناس } أي نجعل عيسى آية للناس حين{[11944]} ولد بلا أب ، وكلم الناس في المهد ( وفي ) {[11945]} غير ذلك من الآيات التي كانت فيه .

وجائز أن يكون آية للناس للبعث لأنه أنشأه بلا أب ولا سبب ، وهم إنما أنكروا البعث لما لم يعاينوا الولد بغير أب أيضا ، ثم كان . فعلى ذلك البعث ؛ إذ لا فرق بينهما ، لأن من قدر على إنشاء الولد بلا أب قادر{[11946]} على الإحياء بعد الموت ، بل هو أولى .

وقوله تعالى : { ورحمة منا } أي رحمة منا للخلق لأن من اهتدى ، واتبعه ، كان له به نجاة ، وهو ما قال الله عز وجل لرسوله : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ( الأنبياء : 107 ) وعلى ذلك جميع الأنبياء والرسل الذين بعثهم الله إلى خلقه ؛ كان ذلك{[11947]} رحمة منه إلى خلقه .

وقوله تعالى : { وكان أمرا مقضيا } أي كان أمرا كائنا . وعلى التأويل الذي ذكره أبو بكر الأصم في قوله : { قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس } يكون قوله : { وكان أمرا مقضيا } أي كان وعدا وخبرا معلوما على ( ما ) {[11948]} أخبر الأنبياء عن نبأ عيسى وأمه .


[11942]:أدرج بعدها في الأصل و م: ولا أم.
[11943]:ساقطة من الأصل و م.
[11944]:في الأصل و م: حيث.
[11945]:ساقطة من الأصل و م.
[11946]:في الأصل و م: ولا أم أقدر.
[11947]:في الأصل و م: كأنه.
[11948]:من م، ساقطة من الأصل.