إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا} (21)

{ قَالَ } أي الملَكُ تقريراً لمقالته وتحقيقاً لها { كذلك } أي الأمرُ كما قلتُ لك ، وقوله تعالى : { قَالَ رَبُّكِ } الخ ، استئنافٌ مقرِّر له أي قال ربك الذي أرسلني إليك : { هُوَ } أي ما ذكرتُ لك من هبة الغلامِ من غير أن يمسَّك بشرٌ أصلاً { عَلَىَّ } خاصة { هَيّنٌ } وإن كان مستحيلاً عادة لما أني لا أحتاج إلى الأسباب والوسائطِ ، وقوله تعالى : { وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لّلْنَّاسِ } إما علةٌ لمعلَّلٍ محذوف أي ولنجعل وهْبَ الغلام آيةً لهم وبرهاناً يستدلون به على كمال قدرتِنا نفعل ذلك ، أو معطوفٌ على علة أخرى مضمَرةٍ أي لنبين به عِظَمَ قدرتِنا ولنجعله آية الخ ، والواو على الأول اعتراضيةٌ والالتفاتُ إلى نون العظمة لإظهار كمالِ الجلالةِ { وَرَحْمَةً } عظيمةً كائنة { مِنَّا } عليهم يهتدون بهدايته ويسترشدون بإرشاده . { وَكَانَ } ذلك { أَمْراً مَّقْضِيّاً } مُحكماً قد تعلق به قضاؤنا الأزليُّ أو قُدّر وسُطّر في اللوح لا بد من جريانه عليك البتةَ ، أو كان أمراً حقيقاً بأن يقضى ويُفعلَ لتضمنّه حِكَماً بالغة .