فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا} (21)

{ قال كذلك قال ربك هو عليّ هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا ( 21 ) *فحملته فانتبذت به مكانا قصيا ( 22 ) فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ( 23 ) فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ( 24 ) وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ( 25 ) } .

{ قال } جبريل { كذلك } أي الأمر هكذا من خلق غلام منك من غير أب { قال ربك هو } أي خلق ولدك بلا أب { عليّ هين } بأن ينفخ بأمري جبريل فيك فتحملي به ، والجملة مستأنفة والكلام فيها كالكلام فيما تقدم من قول زكريا { و } خلقناه { لنجعله } أي هذا الغلام أو خلقه بلا أب { آية للناس } يستدلون بها على كمال القدرة على أنواع الخلق فإنه خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى وخلق حواء من ذكر بلا أنثى ، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر ، وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى ، قاله الكرخي .

{ و } لنجعله { رحمة } عظيمة كائنة { منا } لمن آمن به لما ينالونه منه من الهداية والخير الكثير ، لأن كل نبي رحمة لأمته { وكان } خلقه { أمرا مقضيا } به في علمي مقدرا محكوما مفروغا منه لا يرد ولا يبدل ولا يتغير مسطورا في اللوح المحفوظ قد قدره الله سبحانه وجف به القلم .