فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٞۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥٓ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةٗ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرٗا مَّقۡضِيّٗا} (21)

{ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً للنَّاسِ } أي ولنجعل هذا الغلام أو خلقه من غير أب آية للناس يستدلون بها على كمال القدرة ، وهو علة لمعلل محذوف ، والتقدير خلقناه لنجعله ، أو معطوف على علة أخرى مضمرة تتعلق بما يدل عليه قوله سبحانه : { هُوَ علي هَيّنٌ } وجملة { قَالَ كذلك قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ } مستأنفة ، والقائل هو الملك ، والكلام فيها كالكلام فيما تقدّم من قول زكريا . وقوله : { وَرَحْمَةً منَّا } معطوف على آية أي : ولنجعله رحمة عظيمة كائنة منا للناس لما ينالونه منه من الهداية والخير الكثير ، لأن كل نبيّ رحمة لأمته { وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً } أي وكان ذلك المذكور أمراً مقدّراً قد قدّره الله سبحانه وجف به القلم { فَحَمَلَتْهُ } ها هنا كلام مطويّ ، والتقدير : فاطمأنت إلى قوله ، فدنا منها ، فنفخ في جيب درعها ، فوصلت النفخة إلى بطنها فحملته . وقيل : كانت النفخة في ذيلها ، وقيل : في فمها . قيل : إن وضعها كان متصلاً بهذا الحمل من غير مضيّ مدة الحمل ، ويدلّ على ذلك قوله : { فانتبذت بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } .

/خ26