ولهم أيضا { سَلَامٌ } حاصل لهم { مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } ففي هذا كلام الرب تعالى لأهل الجنة وسلامه عليهم ، وأكده بقوله : { قَوْلًا } وإذا سلم عليهم الرب الرحيم ، حصلت لهم السلامة التامة من جميع الوجوه ، وحصلت لهم التحية ، التي لا تحية أعلى منها ، ولا نعيم مثلها ، فما ظنك بتحية ملك الملوك ، الرب العظيم ، الرءوف الرحيم ، لأهل دار كرامته ، الذي أحل عليهم رضوانه ، فلا يسخط عليهم أبدا ، فلولا أن اللّه تعالى قدر أن لا يموتوا ، أو تزول قلوبهم عن أماكنها من الفرح والبهجة والسرور ، لحصل ذلك .
فنرجو ربنا أن لا يحرمنا ذلك النعيم ، وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم .
وقوله : { سلام } بدل منها أو صفة أخرى ، ويجوز أن يكون خبرها أو خبر محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر أي ولهم سلام ، وقرئ بالنصب على المصدر أو الحال أي لهم مرادهم خالصا . { قولا من رب رحيم } أي يقول الله أو يقال لهم قولا كائنا من جهته ، والمعنى أن الله يسلم عليهم بواسطة الملائكة أو بغير واسطة تعظيما لهم وذلك مطلوبهم ومتمناهم ، ويحتمل نصبه على الاختصاص .
وقوله تعالى : { سلام } قيل : هي صفة لما أي مسلم لهم وخالص{[9800]} ، وقيل : هو ابتداء{[9801]} ، وقيل ؛ هو خبر ابتداء{[9802]} ، وقرأ ابن مسعود وأبي بن كعب وعيسى الثقفي والغنوي «سلاماً » بالنصب على المصدر ، وقرأ محمد بن كعب القرطبي «سلم » وهو بمعنى سلام ، و { قولاً } نصب على المصدر .
استئناف قطع عن أن يعطف على ما قبله للاهتمام بمضمونه ، وهو الدلالة على الكرامة والعناية بأهل الجنة من جانب القدس إذ يوجه إليهم سلام الله بكلام يعرفون أنه قول من الله : إمّا بواسطة الملائكة ، وإما بخلق أصوات يُوقنون بأنها مجعولة لأجل إسماعهم كما سمع موسى كلام الله حين ناداه من جانب الطور من الشجرة فبعد أن أخبر بما حباهم به من النعيم مشيراً إلى أصول أصنافه ، أخبر بأن لهم ما هو أسمى وأعلى وهو التكريم بالتسليم عليهم قال تعالى : { ورضوان من الله أكبر } [ التوبة : 72 ] .
و { سَلامٌ } مرفوع في جميع القراءات المشهورة . وهو مبتدأ وتنكيره للتعظيم ورفعه للدلالة على الدوام والتحقق ، فإن أصله النصب على المفعولية المطلقة نيابة عن الفعل مثل قوله : { فقالوا سلاماً } [ الذاريات : 25 ] . فلما أريدت الدلالة على الدوام جيء به مرفوعاً مثل قوله : { قال سلام } [ هود : 69 ] ، وقد تقدم بيان ذلك عند قوله تعالى : { الحَمدُ لله رَبّ العالمين } [ الفاتحة : 2 ] .
وحذف خبر { سَلامٌ } لنيابة المفعول المطلق وهو قوله { قَوْلاً } عن الخبر لأن تقديره : سلام يقال لهم قولاً من الله ، والذي اقتضى حذف الفعل ونيابة المصدر عنه هو استعداد المصدر لقبول التنوين الدال على التعظيم ، والذي اقتضى أن يكون المصدر منصوباً دون أن يؤتى به مرفوعاً هو ما يشعر به النصب من كون المصدر جاء بدلاً عن الفعل .
و { من } ابتدائية . وتنوين { رَّبّ } للتعظيم ، ولأجل ذلك عدل عن إضافة { رب } إلى ضميرهم ، واختير في التعبير عن الذات العلية بوصف الرب لشدة مناسبته للإِكرام والرضى عنهم بذكر أنهم عبدوه في الدنيا فاعترفوا بربوبيته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.