{ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ } أي : مَنَّ اللّه عليهم بهما وصارا وصفا لهم العلم بالحق والإيمان المستلزم إيثار الحق ، وإذا كانوا عالمين بالحق مؤثرين له لزم أن يكون قولهم مطابقا للواقع مناسبا لأحوالهم .
فلهذا قالوا الحق : { لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ } أي : في قضائه وقدره ، الذي كتبه اللّه عليكم وفي حكمه { إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ } أي : عمرتم عُمْرًا يتذكر فيه المتذكر ويتدبر فيه المتدبر ويعتبر فيه المعتبر حتى صار البعث ووصلتم إلى هذه الحال .
{ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } فلذلك أنكرتموه في الدنيا وأنكرتم إقامتكم في الدنيا وقتا تتمكنون فيه من الإنابة والتوبة ، فلم يزل الجهل شعاركم وآثاره من التكذيب والخسار دثاركم .
( وقال الذين أوتوا العلم والإيمان : لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث . فهذا يوم البعث . ولكنكم كنتم لا تعلمون ) . .
وأولو العلم هؤلاء هم في الغالب المؤمنون ، الذين آمنوا بالساعة ، وأدركوا ما وراء ظاهر الحياة الدنيا ، فهم أهل العلم الصحيح وأهل الإيمان البصير . وهم يردون الأمر هنا إلى تقدير الله وعلمه ( لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث ) . . فهذا هو الأجل المقدور ، ولا يهم طويلا كان أم كان قصيرا . فقد كان ذلك هو الموعد ، وقد تحقق :
{ وقال الذين أوتوا العلم والإيمان } من الملائكة والإنس . { لقد لبثتم في كتاب الله } في علمه أو قضائه ، أو ما كتبه لكم أي أوجبه أو اللوح أو القرآن وهو قوله : { ومن ورائهم برزخ } . { إلى يوم البعث } ردوا بذلك ما قالوه وحلفوا عليه . { فهذا يوم البعث } الذي أنكرتموه . { ولكنكم كنتم لا تعلمون } أنه حق لتفريطكم في النظر ، والفاء لجواب شرط محذوف تقديره : إن كنتم منكرين البعث فهذا يومه ، أي فقد تبين بطلان إنكاركم .
ثم أخبر تعالى عن { الذين أوتوا العلم والإيمان } أنهم يقفون في تلك الحال على حق ويعرفون أنه الوعد المتقرر في الدنيا ، وقال بعض المفسرين : إنما أراد الإيمان والعلم ففي الكلام تقديم وتأخير .
قال الفقيه الإمام القاضي : ولا يحتاج إلى هذا بل ذكر العلم يتضمن الإيمان ولا يصف الله بعلم من لم يعلم كل ما يوجب الإيمان ، ثم ذكر الإيمان بعد ذلك تنبيهاً عليه وتشريفاً لأمره كما قال تعالى : { فاكهة ونخل ورمان }{[9338]} [ الرحمن : 68 ] فنبه على مكان الإيمان وخصه بالذكر تشريفاً{[9339]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.