140- قولوا لهم : أتجادلوننا في إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وأبنائه الأسباط زاعمين أنهم كانوا يهودا أو نصارى مثلكم ؟ ، مع أنه ما أنزلت التوراة والإنجيل اللذان قامت عليهما اليهودية والنصرانية إلا من بعد هؤلاء ، وقد أخبرنا الله بذلك ، أفأنتم أعلم أم الله ؟ ، بل إن الله قد أخبركم أنتم بذلك في أسفاركم فلا تكتموا الحق المدوَّن في أسفاركم هذه ، ومن أظلم ممن كتم حقيقة يعلمها من كتابه وسيجازيكم الله على ما تلجون فيه من باطل ، فليس الله بغافل عما تعملون{[6]} .
{ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
وهذه دعوى أخرى منهم ، ومحاجة في رسل الله ، زعموا أنهم أولى بهؤلاء الرسل المذكورين من المسلمين .
فرد الله عليهم بقوله : { أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ } فالله يقول : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } وهم يقولون : بل كان يهوديا أو نصرانيا .
فإما أن يكونوا ، هم الصادقين العالمين ، أو يكون الله تعالى هو الصادق العالم بذلك ، فأحد الأمرين متعين لا محالة ، وصورة الجواب مبهم ، وهو في غاية الوضوح والبيان ، حتى إنه - من وضوحه - لم يحتج أن يقول بل الله أعلم وهو أصدق ، ونحو ذلك ، لانجلائه لكل أحد ، كما إذا قيل : الليل أنور ، أم النهار ؟ والنار أحر أم الماء ؟ والشرك أحسن أم التوحيد ؟ ونحو ذلك .
وهذا يعرفه كل من له أدنى عقل حتى إنهم بأنفسهم يعرفون ذلك ، ويعرفون أن إبراهيم وغيره من الأنبياء ، لم يكونوا هودا ولا نصارى ، فكتموا هذا العلم وهذه الشهادة ، فلهذا كان ظلمهم أعظم الظلم . ولهذا قال تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ } فهي شهادة عندهم ، مودعة من الله ، لا من الخلق ، فيقتضي الاهتمام بإقامتها ، فكتموها ، وأظهروا ضدها ، جمعوا بين كتم الحق ، وعدم النطق به ، وإظهار الباطل ، والدعوة إليه ، أليس هذا أعظم الظلم ؟ بلى والله ، وسيعاقبهم عليه أشد العقوبة ، فلهذا قال : { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } بل قد أحصى أعمالهم ، وعدها وادخر لهم جزاءها ، فبئس الجزاء جزاؤهم ، وبئست النار ، مثوى للظالمين ، وهذه طريقة القرآن في ذكر العلم والقدرة ، عقب الآيات المتضمنة للأعمال التي يجازى عليها .
فيفيد ذلك الوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب ، ويفيد أيضا ذكر الأسماء الحسنى بعد الأحكام ، أن الأمر الديني والجزائي ، أثر من آثارها ، وموجب من موجباتها ، وهي مقتضية له .
ومن ثم يضرب السياق عنه ، وينتقل إلى مجال آخر من مجالات الجدل . يظهر أنه هو الآخر غير قابل للجاجة والمحال :
( أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى ؟ ) .
وهم كانوا أسبق من موسى ، وأسبق من اليهودية والنصرانية . والله يشهد بحقيقة دينهم - وهو الإسلام كما سبق البيان - :
( قل : أأنتم أعلم أم الله ؟ ) . .
وهو سؤال لا جواب عليه ! وفيه من الاستنكار ما يقطع الألسنة دون الجواب عليه !
ثم إنكم لتعلمون أنهم كانوا قبل أن تكون اليهودية والنصرانية . وكانوا على الحنيفية الأولى التي لا تشرك بالله شيئا . ولديكم كذلك شهادة في كتبكم أن سيبعث نبي في آخر الزمان دينه الحنيفية ، دين إبراهيم . ولكنكم تكتمون هذه الشهادة :
( ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله ؟ ) . .
والله مطلع على ما تخفون من الشهادة التي ائتمنتم عليها ، وما تقومون به من الجدال فيها لتعميتها وتلبيسها :
ثم أنكر تعالى عليهم ، في دعواهم أن إبراهيم ومن ذكر بعده من الأنبياء والأسباط كانوا على ملتهم ، إما اليهودية وإما النصرانية {[2861]} فقال : { قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ } يعني : بل الله أعلم ، وقد أخبر أنهم لم يكونوا هودا ولا نصارى ، كما قال تعالى : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } الآية والتي بعدها [ آل عمران : 67 ، 68 ] .
وقوله : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ } قال الحسن البصري : كانوا يقرؤون في كتاب الله الذي أتاهم : إن الدين [ عند الله ]{[2862]} الإسلامُ ، وإن محمدا رسول الله ، وإن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا برآء من اليهودية والنصرانية ، فشهِد الله بذلك ، وأقروا به على أنفسهم لله ، فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك .
وقوله : { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ فيه ]{[2863]} تهديد ووعيد شديد ، أي : [ أن ]{[2864]} علمه محيط بعملكم ، وسيجزيكم عليه .
{ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } ( 140 )
وقوله تعالى : { أم تقولون } عطف على ألف الاستفهام المتقدمة( {[1327]} ) ، وهذه القراءة بالتاء من فوق قرأها ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم ، وقرأ بن كثير ونافع وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم «أم يقولون » بالياء من أسفل ، و { أم } على هذه القراءة مقطوعة ، ذكره الطبري ، وحكي عن بعض النحاة أنها ليست بمقطوعة لأنك إذا قلت أتقوم أم يقوم عمرو ؟ فالمعنى أيكون هذا أم هذا ؟ .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وهذا المثال غير جيد ، لأن القائل فيه واحد والمخاطب واحد ، والقول في الآية من اثنين والمخاطب اثنان غيران ، وإنما تتجه معادلة { أم } للألف على الحكم المعنوي كأن معنى { قل أتحاجوننا } أي أيحاجون يا محمد أم يقولون ، وقيل أن { أم } في هذا الموضع غير معادلة على القراءتين ، وحجة ذلك اختلاف معنى الآيتين وإنهما ليسا قسمين ، بل المحاجة موجودة في دعواهم الأنبياء عليهم السلام ، ووقفهم( {[1328]} ) تعالى على موضع الانقطاع في الحجة ، لأنهم إن قالوا إن الأنبياء المذكورين على اليهودية والنصرانية كذبوا ، لأنه قد علم أن هذين الدينين حدثا بعدهم ، وإن قالوا لم يكونوا على اليهودية النصرانية قيل لهم فهلموا إلى دينهم إذ تقرون بالحق .
وقله تعالى : { قل أأنتم أعلم أم الله } تقرير على فساد دعواهم إذ لا جواب لمفطور إلا أن الله تعالى أعلم ، و { من أظلم } لفظه الاستفهام والمعنى لا أحد أظلم منهم ، وإياهم أراد تعالى بكتمان الشهادة .
واختلف في الشهادة هنا ما هي ؟ فقال مجاهد والحسن والربيع : هي ما في كتبهم من أن الأنبياء على الحنيفية لا على ما ادعوا هم ، وقال قتادة وابن زيد : هي ما عندهم من الأمر بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم واتباعه ، والأول أِشبه بسياق معنى الآية ، واستودعهم الله تعالى هذه الشهادة ولذلك قال : { من الله } ، ف { من } على هذا متعلقة ب { عنده }( {[1329]} ) ، كأن المعنى شهادة تحصلت له من الله ، ويحتمل أن تتعلق { من } ب { كتم } ، أي كتمها من الله .
وقوله تعالى : { وما الله بغافل عما تعملون } ، وعيد وإعلام أنه لا يترك أمرهم سدى ، وأن أعمالهم تحصى( {[1330]} ) ويجازون عليها ، والغافل الذي لا يفطن للأمور إهمالاً منه ، مأخوذ من الأرض الغفل ، وهي التي لا معلم بها( {[1331]} ) .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط}، وإنما سموا الأسباط، لأنه ولد لكل واحد منهم أمة من الناس.
{كانوا هودا أو نصارى قل} لهم يا محمد: {أأنتم أعلم} بدينهم {أم الله}.
ثم قال عز وجل: {ومن أظلم}، يقول: فلا أحد أظلم {ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون} فكتموا تلك الشهادة التي عندهم، وذلك أن الله عز وجل بيَّن أمر محمد في التوراة والإنجيل، وكتموا تلك الشهادة التي عندهم، وذلك قوله: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس} (آل عمران: 187)، يعني أمر محمد صلى الله عليه وسلم...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
في قراءة ذلك وجهان أحدهما: {أمْ تَقُولُونَ} بالتاء، فمن قرأ كذلك فتأويله: قل يا محمد للقائلين لك من اليهود والنصارى «كونوا هودا أو نَصارى تهتدوا»: أتجادلوننا فِي اللّهِ أمْ تَقُولُونَ إن إبْرَاهِيم؟ فيكون ذلك معطوفا على قوله:
{أتُحاجّونَنَا في اللّهِ}. والوجه الآخر منهما «أمْ يَقُولُونَ» بالياء. ومن قرأ ذلك كذلك وجه قوله: «أمْ يَقُولُونَ» إلى أنه استفهام مستأنف، كقوله:"أمْ يَقُولُونَ افتَرَاه"...
والصواب من القراءة عندنا في ذلك: "أمْ تَقُولُونَ "بالتاء دون الياء عطفا على قوله: "قُلْ أتُحاجّونَنَا "بمعنى: أيّ هذين الأمرين تفعلون؟ أتجادلوننا في دين الله، فتزعمون أنكم أولى منا، وأهدى منا سبيلاً، وأمرنا وأمركم ما وصفنا على ما قد بيناه أيضا، أم تزعمون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومن سمى الله كانوا هودا أو نصارى على ملتكم، فيصحّ للناس بَهْتكم وكذبكم لأن اليهودية والنصرانية حدثت بعد هؤلاء الذين سماهم الله من أنبيائه، وغير جائزة قراءة ذلك بالياء لشذوذها عن قراءة القراء.
وهذه الآية أيضا احتجاج من الله تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم على اليهود والنصارى الذين ذكر الله قصصهم. يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى: أتحاجوننا في الله، وتزعمون أن دينكم أفضل من ديننا، وأنكم على هدى ونحن على ضلالة ببرهان من الله تعالى ذكره فتدعوننا إلى دينكم؟ فهاتوا برهانكم على ذلك فنتبعكم عليه أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى على دينكم؟ فهاتوا على دعواكم ما ادّعيتم من ذلك برهانا فنصدّقكم فإن الله قد جعلهم أئمة يقتدى بهم. ثم قال تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا محمد إن ادّعوا أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى: أأنتم أعلم بهم وبما كانوا عليه من الأديان أم الله؟
{وَمَنْ أَظْلَمَ مِمّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّهِ}: فإن زَعَمَتْ -يا محمد- اليهودُ والنصارى الذين قالوا لك ولأصحابك كونوا هودا أو نصارى، أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى، فمن أظلم منهم؟ يقول: وأيّ أمرئ أظلم منهم وقد كتموا شهادة عندهم من الله بأن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا مسلمين، فكتموا ذلك ونحلوهم اليهودية والنصرانية.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛ ... عن مجاهد في قوله: {وَمَنْ أظْلَمَ مِمّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّهِ} قال: في قول يهود لإبراهيم وإسماعيل ومن ذكر معهما إنهم كانوا يهودا أو نصارى. فيقول الله: لا تكتموا مني شهادة إن كانت عندكم فيهم. وقد علم أنهم كاذبون... عن الربيع قوله: {وَمَنْ أظْلَمَ مِمنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّهِ}: أهل الكتاب، كتموا الإسلام وهم يعلمون أنه دين الله، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل: أنهم لم يكونوا يهود ولا نصارى، وكانت اليهودية والنصرانية بعد هؤلاء بزمان. وأنه عنى تعالى ذكره بذلك أن اليهود والنصارى إن ادّعوا أن إبراهيم ومن سُمي معه في هذه الآية كانوا هودا أو نصارى، تبيّن لأهل الشرك الذين هم نصراؤهم كذبهم وادّعاءهم على أنبياء الله الباطلَ لأن اليهودية والنصرانية حدثت بعدهم، وإن هم نفوا عنهم اليهودية والنصرانية، قيل لهم: فهلموا إلى ما كانوا عليه من الدين، فإنّا وأنتم مقرّون جميعا بأنهم كانوا على حقّ، ونحن مختلفون فيما خالف الدين الذي كانوا عليه.
وقال آخرون: بل عنى تعالى ذكره بقوله: {وَمَنْ أظْلَمَ مِمّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّهِ}: اليهود في كتمانهم أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوّته، وهم يعلمون ذلك ويجدونه في كتبهم.
وإنما اخترنا القول الذي قلناه في تأويل ذلك لأن قوله تعالى ذكره: {وَمَنْ أظْلَمُ مِمّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ الله} في أثر قصة من سمى الله من أنبيائه، وأمام قصته لهم. فأولى بالذي هو بين ذلك أن يكون من قصصهم دون غيره.
فإن قال قائل: وأية شهادة عند اليهود والنصارى من الله في أمر إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط؟ قيل: الشهادة التي عندهم من الله في أمرهم، ما أنزل الله إليهم في التوراة والإنجيل، وأمرهم فيها بالاستنان بسنّتهم واتباع ملتهم، وأنهم كانوا حنفاء مسلمين. وهي الشهادة التي عندهم من الله التي كتموها حين دعاهم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فقالوا له: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى وقالوا له ولأصحابه: كُونوا هودا أو نصارى تهتدوا. فأنزل الله فيهم هذه الآيات في تكذيبهم وكتمانهم الحقّ، وافترائهم على أنبياء الله الباطل والزور.
{وَمَا اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ}: وقل لهؤلاء اليهود والنصارى الذين يحاجونك يا محمد: {وَما اللّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ} من كتمانكم الحقّ فيما ألزمكم في كتابه بيانه للناس، من أمر إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط في أمر الإسلام، وأنهم كانوا مسلمين، وأن الحنيفية المسلمة دينُ الله الذي على جميع الخلق الدينونة به دون اليهودية والنصرانية وغيرهما من الملل. ولا هو ساهٍ عن عقابكم على فعلكم ذلك، بل هو مُحْصٍ عليكم حتى يجازيكم به من الجزاء ما أنتم له أهل في عاجل الدنيا وآجل الآخرة. فجازاهم عاجلاً في الدنيا بقتل بعضهم وإجلائه عن وطنه وداره، وهو مجازيهم في الاَخرة العذابَ المهين.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{أم تقولون} قيل: بل تقولون، وقيل: على الاستفهام في الظاهر: أتقولون؟ لكنه على الرد والإنكار عليهم؛ وذلك أن اليهود قالوا: إن إبراهيم وبنيه كانوا هودا أو نصارى.
وقال الله تعالى: قل يا محمد: أنتم أعلم بدينهم أم الله، مع إقراركم أنه ربكم، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟ ومعنى الاستفهام هو تقرير ما قالوه كالرد عليهم والإنكار...
{وما الله بغافل عما تعملون}... وعيد؛ أي لا تحسبوا انه غافل عما تعملون.
ويجوز أن يكون لم ينشئهم على غفلة مما يعملون، بل على علم بما يعملون؛ خلقهم ليعلم أن ليس له في شيء من عمل الخلق له حاجة ليخلقهم على رجاء النفع له، ولا قوة إلا بالله، خلقهم، وهو يعلم بأنهم يعصونه...
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} من كتمان الشهادة، والارتشاء عليها من أغنيائهم وسفهائهم...
المسألة الثانية: إنما أنكر الله تعالى ذلك القول عليهم لوجوه.
(أحدها): لأن محمدا صلى الله عليه وسلم ثبتت نبوته بسائر المعجزات، وقد أخبر عن كذبهم في ذلك فثبت لا محالة كذبهم فيه.
(وثانيها): شهادة التوراة والإنجيل على أن الأنبياء كانوا على التوحيد والحنيفية.
(وثالثها): أن التوراة والإنجيل أنزلا بعدهم.
(ورابعها): أنهم ادعوا ذلك من غير برهان فوبخهم الله تعالى على الكلام في معرض الاستفهام على سبيل الإنكار والغرض منه الزجر والتوبيخ وأن يقرر الله في نفوسهم أنهم يعلمون أنهم كانوا كاذبين فيما يقولون...
أما قوله تعالى: {قل أأنتم أعلم أم الله} فمعناه أن الله أعلم وخبره أصدق وقد أخبر في التوراة والإنجيل وفي القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا مسلمين مبرئين عن اليهودية والنصرانية.
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
وخرجت هذه الجملة مخرج ما يتردد فيه، لأن اتباع أحبارهم ربما توهموا، أو ظنوا، أن أولئك كانوا هوداً أو نصارى لسماعهم ذلك منه، فيكون ذلك ردًّا من الله عليهم، أو لأن أحبارهم كانوا يعلمون بطلان مقالتهم في إبراهيم ومن ذكر معه، لكنهم كتموا ذلك ونحلوهم إلى ما ذكروا، فنزلوا لكتمهم ذلك منزلة من يتردد في الشيء، وردّ عليهم بقوله: أأنتم أعلم أم الله، لأن من خوطب بهذا الكلام بادر إلى أن يقول: الله أعلم، فكان ذلك أقطع للنزاع.
{ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله}: وهذا يدل على أنهم كانوا عالمين بأن إبراهيم ومن معه كانوا مباينين لليهودية والنصرانية، لكنهم كتموا ذلك.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} قال الحسن البصري: كانوا يقرؤون في كتاب الله الذي أتاهم: إن الدين [عند الله] الإسلامُ، وإن محمدا رسول الله، وإن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا برآء من اليهودية والنصرانية، فشهِد الله بذلك، وأقروا به على أنفسهم لله، فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك.
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{قُلْ أأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله} إعادةُ الأمر ليس لمجرد تأكيدِ التوبيخِ وتشديدِ الإنكار عليهم بل للإيذان بأن ما بعده ليس متصلاً بما قبله بل بينهما كلامٌ للمخاطبين مترتب على ما سبق مستتبِعٌ لما أنه الحقُّ قد أُضرب عنه الذكرُ صفحاً لظهوره وهو تصريحُهم بما وُبِّخوا عليه من الافتراء على الأنبياء عليهم السلام وتقديمُ الأول مع أنه متأخرٌ في الوجود لمراعاة طريقةِ الترقي من الأدنى إلى الأعلى، والمعنى أنه لا أحدَ أظلمُ من أهل الكتاب حيث كتموا هذه الشهادةَ وأثبتوا نقيضَها بما ذُكر من الافتراء، وتعليقُ الأظلمية بمُطلق الكِتمان للإيماء إلى أن مرتبةَ مَنْ يردُّها ويشهد بخلافها في الظلم خارجةٌ عن دائرة البيان أو لا أحدَ أظلمُ منا لو كتمناها، فالمرادُ بكتمها عدمُ إقامتها في مقامِ المُحاجة، وفيه تعريضٌ بغاية أظلمية أهلِ الكتابِ على نحو ما أشير إليه.
وفي إطلاق الشهادة مع أن المرادَ بها ما ذكر من الشهادة المعينةِ تعريضٌ بكتمانها شهادةَ الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل
{وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} من فنون السيئاتِ فيدخُل فيها كتمانُهم لشهادته سبحانه وافتراؤهم على الأنبياء عليهم السلام دُخولاً أولياً أي هو محيطٌ بجميع ما تأتون وما تذرون فيعاقبُكم بذلك أشدَّ عقاب، وقولُه تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ} [البقرة، الآية: 114] إلى آخر الآية، مسوقٌ من جهته تعالى لوصفهم بغاية الظلمِ وتهديدِهم بالوعيد.
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
قال التقيّ ابن تيمية: سمى تعالى ما عندهم من العلم شهادة كما قال: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} الآية كأنه قال: خبرا عنده، دينا عنده من الله، وبيانا عنده من الله، وعلما عنده من الله، فإن كان قوله: {من الله} متعلقا ب "كتم "فإنه يعم كل الشهادات. وإن كان متعلقا ب {عنده}، وهو الأوجه، أو بشهادة، أو بهما، فإن الأمر في ذلك واحد. أي شهادة استقرت عنده من جهة الله. فهو كتمان شهادات العلم الموروث عن الأنبياء. فسمى الإخبار به الشهادة. ثم قال: وكذلك الأخبار النبوية إنما يراد بالشهادة فيها الإخبار.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
قال الأستاذ الإمام: إن "أم "هنا معادلة لما قبلها خلافا للجلال ومن على رأيه القائلين: إنها بمعنى بل – كأنه قال: أتقولون إن هذا الامتياز لكم علينا والاختصاص بالقرب من الله دوننا هو من الله والحال أنه ربنا وربكم الخ؟. أم تقولون: إن امتياز اليهودية أو النصرانية التي أنتم عليها بأن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا عليها؟ إن كنتم تقولون هذا فإن الله يكذبكم فيه؛ وأنتم تعلمون أيضا أن اسمي اليهودية والنصرانية حدثا بعد هؤلاء، بل حدث اسم اليهودية بعد موسى واسم النصرانية بعد عيسى كما حدث لليهود تقاليد كثيرة صار مجموعها مميزا لهم. وأما النصارى فجميع تقاليدهم الخاصة بهم المميزة للنصرانية حادثة، فإن عيسى عليه السلام كان عدو التقاليد، ولهذا كان النصارى على كثرة ما أحدثوا أقرب إلى الإسلام، لأنهم لم ينسوا جميعا كيف زلزل روح الله تقاليد اليهود الظاهرة ما كان منها في التوراة وما لم يكن. ولكن الذين ادعوا اتباعه زادوا عليهم من بعده في ابتداع التقاليد والرسوم.
وزعم بعض المفسرين أن هذه الآية نزلت في الرد على اليهود، إذ كانوا يقولون: إن إبراهيم كان يهوديا؛ وعلى النصارى إذ كانوا يقولون: إنه كان نصرانيا. قال الأستاذ الإمام: وهذا غير صحيح. كلا إن الآية نزلت في إقامة الحجة عليهم بأنهم يعتقدون أن إبراهيم كان على الحق وأن ملته هي الملة الإلهية المرضية عند الله تعالى وإذا كان الأمر كذلك وكانت هذه التقاليد التي تقلدوها غير معروفة على عهد إبراهيم فما بالهم صاروا ينوطون النجاة بها ويزعمون أن ما عداها كفر وضلال؟ فهو لا يثبت لهم القول بأن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا وإنما يقول إنهم لا يقدرون على القول بذلك لأن البداهة قاضية بكذبهم فيه
ولذلك قال لنبيه {قل أأنتم أعلم أم الله} أي إذا كان الله قد ارتضى للناس ملة إبراهيم باعترافكم وتصديق كتبكم وذلك قبل وجود اليهودية والنصرانية فلماذا لا ترضون أنتم تلك الملة لأنفسكم؟ أأنتم أعلم بالمرضىّ عند الله أم الله أعلم بما يرضيه ومالا يرضيه؟ لا شك أن الله يعلم وأنتم لا تعلمون
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
وهذه دعوى أخرى منهم، ومحاجة في رسل الله، زعموا أنهم أولى بهؤلاء الرسل المذكورين من المسلمين. فرد الله عليهم بقوله: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} فالله يقول: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وهم يقولون: بل كان يهوديا أو نصرانيا. فإما أن يكونوا، هم الصادقين العالمين، أو يكون الله تعالى هو الصادق العالم بذلك، فأحد الأمرين متعين لا محالة، وصورة الجواب مبهم، وهو في غاية الوضوح والبيان، حتى إنه -من وضوحه- لم يحتج أن يقول بل الله أعلم وهو أصدق، ونحو ذلك، لانجلائه لكل أحد، كما إذا قيل: الليل أنور، أم النهار؟ والنار أحر أم الماء؟ والشرك أحسن أم التوحيد؟ ونحو ذلك. وهذا يعرفه كل من له أدنى عقل حتى إنهم بأنفسهم يعرفون ذلك، ويعرفون أن إبراهيم وغيره من الأنبياء، لم يكونوا هودا ولا نصارى، فكتموا هذا العلم وهذه الشهادة، فلهذا كان ظلمهم أعظم الظلم. ولهذا قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} فهي شهادة عندهم، مودعة من الله، لا من الخلق، فيقتضي الاهتمام بإقامتها، فكتموها، وأظهروا ضدها، جمعوا بين كتم الحق، وعدم النطق به، وإظهار الباطل، والدعوة إليه، أليس هذا أعظم الظلم؟ بلى والله، وسيعاقبهم عليه أشد العقوبة، فلهذا قال: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} بل قد أحصى أعمالهم، وعدها وادخر لهم جزاءها، فبئس الجزاء جزاؤهم، وبئست النار، مثوى للظالمين...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وهو استفهام للتوبيخ والإنكار وذلك لمبلغهم من الجهل بتاريخ شرائعهم... والأمة إذا انغمست في الجهالة وصارت عقائدها غروراً ومن دون تدبر اعتقدت ما لا ينتظم مع الدليل واجتمعت في عقائدها المتناقضات، وقد وجد النبيء صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في الكعبة صورة إبراهيم يستقسم بالأزلام في الكعبة فتلا قوله تعالى: {ما كان إبراهيم} إلى قوله: {وما كان من المشركين} [آل عمران: 67] وقال والله إن استقسم بها قط، وقال تعالى في شأن أهل الكتاب: {وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون}. فرماهم بفقد التعقل...
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شهادة عِندَهُ مِنَ الله وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ}. هذا من جملة المقول المحكي بقوله: {قل ءأنتم أعلم أم الله} أمر النبيء صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم ذلك تذكيراً لهم بالعهد الذي في كتبهم عسى أن يراجعوا أنفسهم ويعيدوا النظر إن كانوا مترددين أو أن يفيئوا إلى الحق إن كانوا متعمدين المكابرة... وهذا الاستفهام التقريري كناية عن عدم اغترار المسلمين بقولهم: إن إبراهيم وأبناءه كانوا هوداً أو نصارى وليس هذا احتجاجاً عليهم.
وقوله: {وما الله بغافل عما تعملون} بقية مقول القول وهو تهديد لأن القادر إذا لم يكن غافلاً لم يكن له مانع من العمل بمقتضى علمه...
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
إن اليهود والنصارى افتروا مع كفرهم وجحودهم وقولهم: عزير ابن الله، وقولهم: المسيح ابن الله وإيمانهم بالثالوث، وافتروا فادعوا أنهم أقرب إلى الله وأحب، ثم انحدروا في تفكيرهم فقلبوا التاريخ فجعلوا أوله لاحقا وآخره سابقا، وضلت عقولهم ضلالا بعيدا، فزعموا أن إبراهيم كان يهوديا أو كان نصرانيا ولقد قال تعالى في ذلك: {أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى}...
وقال الله تعالى لنبيه: {قل أأنتم أعلم أم الله} كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم لهم سؤالا لهم محرجا كاشفا لهم، لأنهم ادعوا أنهم أعلم بعد أن كفروا، وإن قالوا إن الله أعلم فقد كذبوا على أنفسهم، فهو سؤال ينتهي برد كلامهم بأنفسهم، وهو سؤال من علمه تعالى الحكمة وفصل الخطاب...
والشهادة هي الخبر الذي يجب بيانه سواء أكان بين يد القضاء أم لم يكن، فإن هذه الأخبار في التوراة كان يجب بيانها، ولم تكن أخبارا تقرأ ولا تعلم، ولكنها حقائق يجب أن تعلم وتبين، فالإعلام بها كالإعلام بالشهادة. وقد هددهم الله تعالى بقوله تعالت كلماته {وما الله بغافل عما تعملون} فهذا وعيد، وإخبار بأمر الله تعالى، وقد نفى الله تعالى نفيا مؤكدا أنه غافل عن عملهم، بل إنه سبحانه أخذهم بذنوبهم، فنفى بما وبالباء الدالة على استغراق النفي...
والغفلة هي: عدم التنبه إلى ما يقع...
يلاحظ في الآية الكريمة ذكر إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط.. وفي ذكر إسماعيل دائما مع إسحق ويعقوب يدل على وحدة البلاغ الإيماني عن الله؛ لأن إسماعيل كان في أمة العرب واسحق ويعقوب كانا في بني إسرائيل. والحق سبحانه وتعالى يتحدث عن وحدة المصدر الإيماني لخلقه؛ لأنه لا علاقة أن يكون إسماعيل للعرب واسحق لغير العرب بوحدة المنهج الإلهي...
والله الذي بعث إسماعيل هو الله الذي بعث اسحق إله واحد أحد.. ومادام الإله واحداً فالمنهج الإيماني لابد أن يكون واحدا.. فإذا حدث خلاف فالخلاف من البشر الذين يحرفون المنهج ليحققوا شهوات ومكاسب لهم.. وكل نفس لها ما كسبت فلن ينفعكم نسبكم إليهم ولن يضيف إليكم شيئا في الآخرة.. إن كانوا مؤمنين فلن ينفعكم أن تكفروا وأن تقولوا نحن ننتسب إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق.. وإن كانوا غير ذلك فلا يضركم شيئا...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
حين ينتهج الإِنسان خط العناد واللجاج فإن إعراضه عن الحقيقة لا حدّ له، ينكر أبسط المسلّمات، ويرفض أوضح الواضحات. والآية تذكر نموذجاً لذلك في هذه المجموعة التي بلغ بها العناد واللجاج أن تعتبر أنبياء الله الذين سبقوا موسى وعيسى من أمثال إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب من اليهود أو النصارى. وبذلك يكتمون حقيقة واضحة لها ارتباط بإيمان النّاس ومعتقداتهم، ولذلك يصف القرآن هؤلاء الذين يكتمون الحقائق بأنهم أظلم النّاس، لأنه لا ظلم أكبر من كتمان الحقائق عن النّاس عمداً، وجرّ الآخرين إلى طريق الضلال...