{ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ } حقيقة هم { الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ } حيث حرموها الثواب ، واستحقت بسببهم وخيم العقاب { وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي : فرق بينهم وبينهم ، واشتد عليهم الحزن ، وعظم الخسران . { أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } الذي ليس مثله خسران ، وهو خسران مستمر ، لا ربح بعده ، بل ولا سلامة .
فأما أنتم فامضوا في الطريق التى تريدون ؛ واعبدوا ما شئتم من دونه . ولكن هنالك الخسران الذي ما بعده خسران . خسران النفس التي تنتهي إلى جهنم . وخسران الأهل سواء كانوا مؤمنين أم كافرين . فإن كانوا مؤمنين فقد خسرهم المشركون لأن هؤلاء إلى طريق وهؤلاء إلى طريق . وإن كانوا مشركين مثلهم فكلهم خسر نفسه بالجحيم . . ( ألا ذلك هو الخسران المبين ) . .
{ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ } وهذا أيضا تهديد وتَبَرّ منهم ، { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ } أي : إنما الخاسرون كل الخسران { الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي : تفارقوا فلا التقاء لهم أبدا ، سواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار ، أو أن الجميع أسكنوا النار ، ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور ، { ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } أي : هذا هو الخسار البين الظاهر الواضح .
وقوله : { فاعبدوا ما شئتم من دونه } صيغة أمر على جهة التهديد كنحو قوله : { اعملوا ما شئتم } [ فصلت : 40 ] وقوله : { تمتع بكفرك } [ الزمر : 8 ] ، وهذا كثير ، و { الذين } في قوله : { الذين خسروا أنفسهم } في موضع رفع خبر ، لأن قوله : { وأهليهم } قيل معناه أنهم خسروا الأهل الذي كان يكون لهم لو كانوا من أهل الجنة ، فهذا كما لو قال : خسروا أنفسهم ونعيمهم ، أي الذي كان يكون بهم ، وقيل أراد الأنفس والأهلين الذين كانوا في الدنيا ، لأنهم صاروا في عذاب النار ، ليس لهم نفوس مستقرة ولا بدل من أهل الدنيا ، ومن له في الجنة قد صار له إما أهله وإما غيرهم على الاختلاف فيما يؤثر في ذلك فهو على كل حال لا خسران معه بتة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.