{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ } هذا الضمير محتمل أن يعود إلى نوح ، كما كان السياق في قصته مع قومه ، وأن المعنى : أن قومه يقولون : افترى على الله كذبا ، وكذب بالوحي الذي يزعم أنه من الله ، وأن الله أمره أن يقول : { قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ } أي : كل عليه وزره { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }
ويحتمل أن يكون عائدا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وتكون هذه الآية معترضة ، في أثناء قصة نوح وقومه ، لأنها من الأمور التي لا يعلمها إلا الأنبياء ، فلما شرع الله في قصها على رسوله ، وكانت من جملة الآيات الدالة على صدقه ورسالته ، ذكر تكذيب قومه له مع البيان التام فقال : { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ } أي : هذا القرآن اختلقه محمد من تلقاء نفسه ، أي : فهذا من أعجب الأقوال وأبطلها ، فإنهم يعلمون أنه لم يقرأ ولم يكتب ، ولم يرحل عنهم لدراسة على أهل الكتاب ، فجاء بهذا الكتاب الذي تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله .
فإذا زعموا - مع هذا - أنه افتراه ، علم أنهم معاندون ، ولم يبق فائدة في حجاجهم ، بل اللائق في هذه الحال ، الإعراض عنهم ، ولهذا قال : { قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي } أي : ذنبي وكذبي ، { وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ } أي : فلم تستلجون في تكذيبي .
وعند هذا المقطع من قصة نوح ، يلتفت السياق لفتة عجيبة ، إلى استقبال مشركي قريش لمثل هذه القصة ، التي تشبه أن تكون قصتهم مع الرسول [ ص ] ودعواهم أن محمدا يفتري هذا القصص . فيرد هذا القول قبل أن يمضي في استكمال قصة نوح :
( أم يقولون افتراه ؟ قل : إن افتريته فعلي إجرامي ، وأنا بريء مما تجرمون ) . .
فالافتراء إجرام ، قل لهم : إن كنت فعلته فعلي تبعته ، وأنا أعرف إنه إجرام فمستبعد أن أرتكبه ، وأنا بريء مما تجرمون من تهمة الافتراء إلى جوار غيرها من الشرك والتكذيب .
وهذا الاعتراض لا يخالف سياق القصة في القرآن ، لأنها إنما جاءت لتأدية غرض من هذا في السياق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.