البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَيۡتُهُۥ فَعَلَيَّ إِجۡرَامِي وَأَنَا۠ بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُجۡرِمُونَ} (35)

قيل : هذه الآية اعترضت في قصة نوح ، والإخبار فيها عن قريش .

يقولون ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي : افترى القرآن ، وافترى هذا الحديث عن نوح وقومه ، ولو صح ذلك بسند صحيح لوقف عنده ، ولكن الظاهر أن الضمير في يقولون عائد على قوم نوح ، أي : بل أيقولون افترى ما أخبرهم به من دين الله وعقاب من أعرض عنه ، فقال عليه السلام قل : إن افتريته فعليّ إثم إجرامي ، والإجرام مصدر أجرم ، ويقال : أجر وهو الكثير ، وجرم بمعنى .

ومنه قول الشاعر :

طريد عشيرة ورهين ذنب *** بما جرمت يدي وجنى لساني

وقرىء أجرامي بفتح الهمزة جمع جرم ، ذكره النحاس ، وفسر بآثامي .

ومعنى مما تجرمون من إجرامكم في إسناد الافتراء إليّ ، وقيل : مما تجرمون من الكفر والتكذيب .