فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَيۡتُهُۥ فَعَلَيَّ إِجۡرَامِي وَأَنَا۠ بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُجۡرِمُونَ} (35)

{ أم يقولون افتراه } أنكر سبحانه عليهم قولهم أن ما أوحي إلى نوح مفترى ثم أمره أن يجيب بكلام منصف فقال { قل إن افتريته فعلي إجرامي } بكسر الهمزة مصدر أجرم أي فعل ما يوجب الإثم وجرم وإجرام بمعنى ، قاله النحاس أي اكتسب الذنب وافتعله والمعنى فعلي إثمي أو جزاء كسبي ومن قرأ بفتح الهمزة قال هو جمع جرم ذكره النحاس أيضا .

قال قتادة : إجرامي أي عملي ، والإجرام اكتساب السيئة واقترافها يقال جرم جرما أذنب والاسم منه الجرم بالضم والجريمة مثله ، وأجرم هو الفاشي في الاستعمال ويجوز جرم ثلاثيا والمعنى إن كنت افتريته فعلي عقاب جرمي ، وإن كنت صادقا وكذبتموني فعليكم عقاب ذلك التكذيب إلا أنه حذفت هذه البقية لدلالة الكلام عليها ، ولا يدل ذلك على أنه إن كان شاكا لأنه قول يقال على وجه الإنكار عند اليأس من القبول { وأنا بريء مما تجرمون } أي من إجرامكم بسبب ما تنسبون إلي من الافتراء قيل وفي الكلام حذف والتقدير لكن ما افتريته فالإجرام وعقابه ليس إلا عليكم وأنا بريء منه .

وقد اختلف المفسرون في هذه الآية فقيل إنها حكاية عن نوح وما قاله لقومه ، وقيل هي حكاية عن المحاورة الواقعة بين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكفار مكة قاله مقاتل ، فعلى هذا تكون الآية معترضة في قصة نوح والأول أولى لأن الكلام قبلها وبعدها مع نوح عليه السلام .