المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

118- وإن هذا الشيطان طرده الله - تعالى - من ظل رحمته ، وجعله في طريق غوايته ، وقد أقسم وأخذ على نفسه عهداً أن يتخذ من عباد الله - تعالى - عدداً معلوماً مقدراً يستهويهم بغوايته ويوسوس لهم بشرِّه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

لعنه الله وأبعده عن رحمته ، فكما أبعده الله من رحمته يسعى في إبعاد العباد عن رحمة الله . { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ْ } ولهذا أخبر الله عن سعيه في إغواء العباد ، وتزيين الشر لهم والفساد وأنه قال لربه مقسما : { لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ْ } أي : مقدرا . علم اللعين أنه لا يقدر على إغواء جميع عباد الله ، وأن عباد الله المخلصين ليس له عليهم سلطان ، وإنما سلطانه على من تولاه ، وآثر طاعته على طاعة مولاه .

وأقسم في موضع آخر ليغوينهم { لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ْ } فهذا الذي ظنه الخبيث وجزم به ، أخبر الله تعالى بوقوعه بقوله : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ْ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ لّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لأتّخِذَنّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مّفْرُوضاً } . .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : { لَعَنَهُ اللّهُ } : أخزاه وأقصاه وأبعده . ومعنى الكلام : وإن يدعون إلا شيطانا مريدا قد لعنه الله وأبعده من كل خير . وقال : { لاَءَتّخِذَنّ } يعني بذلك أن الشيطان المريد قال لربه إذ لعنه : { لأَتّخِذَنّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيبا مَفْرُوضا } يعني بالمفروض : المعلوم¹ كما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن جويبر ، عن الضحاك : { نَصِيبا مَفْرُوضا } قال : معلوما .

فإن قال قائل : وكيف يتخذ الشيطان من عباد الله نصيبا مفروضا ؟ قيل : يتخذ منهم ذلك النصيب باغوائه إياهم عن قصد السبيل ، ودعائه إياهم إلى طاعته ، وتزيينه لهم الضلال والكفر ، حتى يزيلهم عن منهج الطريق¹ فمن أجاب دعاءه واتبع ما زينه له ، فهو من نصيبه المعلوم وحظه المقسوم . وإنما أخبر جلّ ثناؤه في هذه الاَية بما أخبر به عن الشيطان من قيله : { لاَءَتّخِذَنّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيبا مَفْرُوضا } ليعلم الذين شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى أنهم من نصيب الشيطان الذي لعنه الله المفروض ، وأنه ممن صدق عليهم ظنه . وقد دللنا على معنى اللعنة فيما مضى ، فكرهنا إعادته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّعَنَهُ ٱللَّهُۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنۡ عِبَادِكَ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (118)

{ لعنه الله } صفة ثانية للشيطان . { وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا } عطف عليه أي شيطانا مريدا جامعا بين لعنة الله ، وهذا القول الدال على فرط عداوته للناس .

وقد برهن سبحانه وتعالى أولا على أن الشرك ضلال في الغاية على سبيل التعليل ، بأن ما يشركون به ينفعل ولا يفعل فعلا اختياريا ، وذلك ينافي الألوهية غاية المنافاة ، فإن الإله ينبغي أن يكون فاعلا غير منفعل ، ثم استدل عليه بأنه عبادة الشيطان وهي أفظع الضلال لثلاثة أوجه . الأول : أنه مريد منهمك في الضلال لا يعلق بشيء من الخير والهدى ، فتكون طاعته ضلالا بعيدا عن الهدى . والثاني : أنه ملعون لضلاله فلا تستجلب مطاوعته سوى الضلال واللعن . والثالث : أنه في غاية العداوة والسعي في إهلاكهم وموالاة من هذا شأنه غاية الضلال فضلا عن عبادته . والمفروض المقطوع أي نصيبا قدر لي وفرض من قولهم فرض له في العطاء .