قوله : اقْرأْ وَرَبّكَ الأكْرَمُ يقول : اقرأ يا محمد وربك الأكرم الّذِي عَلّمَ بِالقَلَمِ : خَلْقَه الكتاب والخط ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ( اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ ) قرأ حتى بلغ عَلّمَ بِالقَلَمِ قال : القلم : نعمة من الله عظيمة ، لولا ذلك لم يقم ، ولم يصلح عيش .
وقيل : إن هذه أوّل سورة نزلت في القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك :
حدثني أحمد بن عثمان البصري ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا أبي ، قال : سمعت النعمان بن راشد يقول عن الزهريّ ، عن عروة ، عن عائشة أنها قالت : كان أوّل ما ابتدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة ، كانت تجيء مثل فَلَقِ الصبح ، ثم حُبّب إليه الخلاء ، فكان بغار حِراء يتحنّث فيه اللياليَ ذواتِ العدد ، قبل أن يرجع إلى أهله ، ثُمّ يَرْجع إلى أهْلِهِ فيتزوّد لمثلها ، حتى فجأه الحقّ ، فأتاه فقال : يا محمد أنت رسول الله ، قال رسول الله : «فَجَثَوْتُ لِرُكَبَتيّ وأنا قائمٌ ، ثُمّ رَجَعْتُ تَرْجُفُ بَوَادِرِي ، ثُمّ دَخَلْت عَلى خَدِيجَةَ ، فَقُلْتُ : زَمّلُونِي زَمّلُونِي ، حتى ذَهَبَ عَنّي الرّوْعُ ، ثُمّ أتانِي فَقالَ : يا مُحَمّدُ ، أنا جِبْرِيلُ وأنْتَ رَسُولُ اللّهِ ، قالَ : فَلَقَدْ هَمَمْت أنْ أطْرَحَ نَفْسِي مِنْ حالِقٍ مِنْ جَبَلٍ ، فَتَمَثّلَ إليّ حِينَ هَمَمْتُ بذلكَ ، فَقالَ : يا مُحمّدُ ، أنا جِبْرِيلُ وأنْتَ رَسُولٌ اللّهِ ، ثُمّ قالَ : اقْرأْ ، قُلْتُ : ما أقْرأُ ؟ قال : فأخَذَنِي فَغَطّنِي ثَلاثَ مَرّاتٍ ، حتى بَلَغَ مِنّي الجَهْدُ ، ثمّ قالَ : ( اقْرأْ بِاسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ ) فَقَرأْتُ ، فأتَيْتُ خَدِيجَةً ، فَقَلْتُ : لَقَدْ أشْفَقْتُ عَلى نَفْسِي ، فأخْبَرْتُها خَبَرِي ، فَقَالَتْ : أبْشِرْ ، فَوَاللّهِ لا يُخْزيكَ اللّهُ أبَدا ، وَوَاللّهِ إنّكَ لَتَصِلُ الرّحَمِ ، وَتَصْدُقُ الْحَديثَ ، وَتُؤَدّي الأمانَةَ ، وَتَحْمِلُ الكَلّ ، وَتَقْرِي الضّيْفَ ، وتُعِينُ عَلى نَوَائِبِ الْحَقّ ثُمّ انْطَلَقَتْ بِي إلى وَرَقَةَ بنِ نَوفَلِ بنِ أسَدٍ ، قالَتِ : اسمَعْ مِنِ ابْنِ أخِيكَ ، فَسألَنِي ، فأخْبَرْتُهُ خَبِري ، فَقالَ : هَذَا النّامُوسُ الّذِي أُنْزِلَ عَلى مُوسَى صَلى اللّهُ عليهِ وسلّمَ ، لَيْتَنِي فِيها جَذَعٌ لَيْتَنِي أكُونُ حَيّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ ، قُلْتُ : أوَ مُخْرِجيّ هُمْ ؟ قال : نَعَمْ ، إنّهُ لَمْ يَجِىءْ رَجُلٌ قَطّ بِمَا جِئْتَ بِهِ ، إلاّ عُودِيَ ، وَلَئِنْ أدْرَكَنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرا مُؤَزّرا ، ثُمّ كانَ أوّلُ ما نَزَلَ عَليّ مِنَ القُرآنِ بَعْدَ «اقْرأْ » : ( ن والقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أنْتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ بِمَجْنُونٍ وَإنّ لَكَ لأَجْرا غَيرَ مَمْنُونٍ وَإنّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ فَسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ ) ، و( يا أيّها المُدّثِرُ قُمْ فأنْذِرْ ) ، و( والضّحَى وَاللّيْلِ إذَا سَجَى » .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : ثني عروة أن عائشة أخبرته ، وذكر نحوه ، غير أنه لم يقل : ثم كان أوّل ما أُنزل عليّ من القرآن . . . الكلام إلى آخره .
حدثنا ابن أبي الشوارب ، قال : حدثنا عبد الواحد ، قال : حدثنا سليمان الشيباني ، قال : حدثنا عبد الله بن شدّاد ، قال : أتى جبريل محمدا ، فقال : يا محمد اقرأ ، فقال : «وما أقرأ ؟ » قال : فضمه ، ثم قال : يا محمد اقرأ ، قال : «وما أقرأ ؟ » قال : ( باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ ) حتى بلغ ( عَلّمَ الإنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ) . قال : فجاء إلى خديجة ، فقال : «يا خديجة ما أراه إلا قد عُرِضَ لي » ، قالت : كّلا ، والله ما كان ربك يفعل ذلك بك ، وما أتيت فاحشة قطّ . قال : فأتت خديجة ورقة ، فأخبرته الخبر ، قال : لئن كنتِ صادقة إن زوجكِ لنبيّ ، ولَيَلْقَينّ من أمته شدّة ، ولئن أدركته لأومننّ به . قال : ثم أبطأ عليه جبريل ، فقالت له خديجة : ما أرى ربك إلا قد قلاك ، فأنزل الله : ( وَالضّحَى واللّيْلِ إذَا سَجَى ما وَدّعَكَ رَبّكَ وَما قَلى ) .
حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهريّ ، قال : حدثنا سفيان ، عن الزهريّ ، عن عُرْوة ، عن عائشة قال إبراهيم : قال سفيان : حفظه لنا ابن إسحاق : إن أوّل شيء أُنزل من القرآن : اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ .
حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري ، قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهريّ عن عروة ، عن عائشة ، أنّ أوّل سورة أُنزلت من القرآن اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن عمرو بن دينار ، عن عُبيد بن عُمير ، قال : أوّل سورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأْ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ .
قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت عُبيد بن عُمير يقول : فذكر نحوه .
حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : حدثنا قرّة ، قال : أخبرنا أبو رجاء العُطارديّ ، قال : كنا في المسجد الجامع ، ومقرئنا أبو موسى الأشعريّ ، كأني أنظر إليه بين بُردين أبيضين قال أبو رجاء : عنه أخذت هذه السورة : اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ ، وكانت أوّل سورة نزلت على محمد .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن بعض أصحابه ، عن عطاء بن يسار ، قال : أوّل سورة نزلت من القرآن اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى وعبد الرحمن بن مهديّ ، قالا : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : أوّل ما نزل من القرآن : اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ وزاد ابن مهدي : ن والْقَلَمِ .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت عُبيد بن عُمير يقول : أوّل ما أنزل من القرآن اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ .
قال : ثنا وكيع ، عن قُرّة بن خالد ، عن أبي رجاء العطارديّ ، قال : إني لأنظر إلى أبي موسى وهو يقرأ القرآن في مسجد البصرة ، وعليه بُردان أبيضان ، فأنا أخذت منه اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ ، وهي أوّلُ سورة أُنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم .
قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : إن أوّل سورة أُنزلت : اقْرأْ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ . ثم ن والقَلَمِ .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
ولما كان أول الواجبات معرفة الله سبحانه وتعالى نزل أولا ما يدل على وجوده وفرط قدرته وكمال حكمته( اقرأ ) تكرير للمبالغة ، أو الأول مطلق والثاني للتبليغ ، أو في الصلاة ، ولعله لما قيل له : ( اقرأ باسم ربك ) فقال : ما أنا بقارئ فقيل له : ( اقرأ وربك الأكرم ) الزائد في الكرم على كل كريم ، فإنه سبحانه وتعالى ينعم بلا عوض ، ويحلم من غير تخوف ؛ بل هو الكريم وحده على الحقيقة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.