الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ} (3)

ثم قال : { إقرأ وربك الأكرم } أي : الأكرم من كل شيء .

وروى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : أول( {[76594]} ) ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي : الرؤيا ] الصادقة[ ( {[76595]} ) ، كانت تجيء مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان بحراء يتحنث( {[76596]} ) فيه الليالي ذوات العدد( {[76597]} ) قبل أن يرجع إلى أهله فيتزود( {[76598]} ) لملها حتى ] فجئه[ ( {[76599]} ) الحق فأتاه ، فقال : يا محمد ، أنت رسول الله . قال رسول الله : فجثوت لركبتي وأنا قائم ثم رجعت يرجف فؤادي( {[76600]} ) ، ثم دخلت –يريد على خديجة- فقلت : زملوني ، زملوني ، حتى ذهب عني الروع( {[76601]} ) ثم أتاني فقال : يا محمد ، أنت رسول الله . ( قال )( {[76602]} ) : فلقد هممت( {[76603]} ) أن أطرح نفسي من حالق من جبل ، فتبدى( {[76604]} ) لي حين هممت( {[76605]} ) بذلك فقال : يا محمد ، أنا جبرائيل ، وأنت رسول الله ، ثم قال : اقرأ . قلت : ما أقرأ ؟

فأخذني ] فغطني[ ( {[76606]} ) ثلاث مرات حتى بلغ مني الجهد ، ثم قال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } فقرأت ، فأتيت ، ( {[76607]} ) خديجة فقلت( {[76608]} ) : لقد أشفقت على نفسي ، وأخبرتها خبري ، فقالت : أبشر ، فوالله لا يحزنك( {[76609]} ) الله أبدا . والله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتؤدي الأمانة ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف( {[76610]} ) ، وتصبر على نوائب الحق . قال : ثم انطلقت بي( {[76611]} ) خديجة على ورقة بن نفل بن أسد فقالت : اسمع من ابن أخيك . فسألني ، فأخبرته خبري . فقال : هذا الناموس( {[76612]} ) الذي أنزل على موسى ابن عمران . ليتني أكون فيها ] جذعاً[ ( {[76613]} ) ، ليتني أكون حيا ] حين[ ( {[76614]} ) يخرجك قومك . قلت : ] أمخرجي هم[ ( {[76615]} ) ؟ ! قال : نعم ، إنه لم يجيء رجل قط بما جئت به إلا عودي . ولئن( {[76616]} ) أدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم كان أول ما أنزل علي من القرآن –بعد " أقرأ " - { ]إنٌ[ ( {[76617]} ) والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمت ربك بمجنون }( {[76618]} ) . حتى ( إلى )( {[76619]} ) { فستبصر( {[76620]} ) ويبصرون }( {[76621]} ) ، ( و )( {[76622]} ) { يأيها المدثر قم فأنذرٌ }( {[76623]} ) . { والضحى والليل إذا سجى }( {[76624]} ) .

قال مجاهد وعطاء بن يسار( {[76625]} ) وعبيد بن عمير وأبو رجاء ] العطاردي[ ( {[76626]} ) : أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } ، كقول عائشة رضي الله عنها ( {[76627]} ) .

والرواية أنه إنما عليه من { اقرأ باسم ربك } إلى قوله { علم الإنسان( {[76628]} ) ما لم يعلم } ، ثم نزل باقيها بعد : { ياأيها المدثر }( {[76629]} ) و { ياأيها المزمل }( {[76630]} ) .


[76594]:ث: أولى.
[76595]:م، ث: الصالحة.
[76596]:ث: تحنت.
[76597]:أ: الفدد (بنقطة أسفل الفاء).
[76598]:ث: فيتزود.
[76599]:م، أ: فجيئه. ث: لحثه. وفجئه الحق –بكسر الجيم- أي بغته. الفتح 1/23. وهو لفظ إحدى روايتي البخاري، انظر الفتح 8/715 كتاب التفسير، سورة 96ح: 1953. وهو لفظ رواية الطبري أيضا في جامع البيان 30/251. وفي رواية البخاري الأخرى: "حتى جاءه الحق". انظر الفتح 1/22 بدء الوحي ح:3.
[76600]:ث: بواي، محرفة عن "بوادري"، وهذا وردت في رواية الطبري: "ترجف بوادري". انظر جامع البيان 30/251. وفي إحدى رواية البخاري – من حكاية عائشة Z- "ترجف بوادره" الفتح 8/715 كتاب التفسير ح 4953. وفي الرواية الأخرى : "ترجف فؤاده" الفتح 1/23 كتاب بدء الوحي ح:3. والبوادر جمع بادرة، وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق، تضطرب عند فزع الإنسان. وانظر المصدر السابق 1/28.
[76601]:ث: الورع (تحريف).
[76602]:ساقط من أ.
[76603]:ث: همت.
[76604]:ث: فتبرى. وفي جامع البيان 30/251: "فتمثل إلى".
[76605]:ث: همت.
[76606]:م: فغمني، ث: فغتني. وذكر ابن حجر في الفتح 1/24 أنها هكذا "في رواية الطبري بتاء مثناة من فوق كأنه أراد ضمن وعصرني" ولعلها رواية أخرى للطبري غير التي رأيت حيث ذكرت فيها بالطاء المهملة. وهو لفظ البخاري أيضا قال ابن حجر: والغط: حبس النفس، ومنه غطه في الماء. وأراد غمني ومنه الخلق.
[76607]:ث: فاتت.
[76608]:ث: فقالت.
[76609]:كذا في جميع النسخ والذي في جامع البيان 30/251: لا يخزيك ولعله هو الأنسب.
[76610]:ث: وتقوي الضيف، م: وتقوي الضعيف.
[76611]:ث: في.
[76612]:ث: الناموس.
[76613]:م، ث: جزعا. قال ابن حجر في الفتح 1/26: "والجذع –بفتح الجيم والذال المعجمة- هو الصغير من البهائم كأنه تمنى أن يكون عند ظهور الدعاء إلى الإسلام شابا ليكون أمكن لنصره".
[76614]:م: حيان.
[76615]:م: أمخرجوهم.
[76616]:ث: ولمن.
[76617]:في جميع النسخ: نون.
[76618]:القلم: 1 -2.
[76619]:ليس في أ، ث.
[76620]:الآيات: القلم:5.
[76621]:ساقط من أ.
[76622]:المدثر:1-2.
[76623]:الضحى 1-2. وهذا الحديث أخرجه الطبري بطوله عن عائشة Zمن رواية الزهري. جامع البيان 30/251-252.
[76624]:هو أبو محمد عطاء بن يسار الهلالي المدني، من كبار التابعين سمع ابن مسعود وابن عمر وروى عنه أبو سلمة ابن عبد الرحمان وعمرو بن دينار، وكان ثقة كثير الحديث. (ت: 94هـ). انظر تهذيب السماء 1/335 وطبقات الحفاظ: 34.
[76625]:أ: وقال.
[76626]:م: العطاري: والذي في المتن هو عمران بن ملحان أبو رجاء العطاردي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره،واسلم بعد الفتح، عالم بالقرآن والحديث، وروى عن عمر وابن عباس. (ت: 106هـ)، انظر صفة الصفوة 3/220 وطبقات الحفاظ: 25.
[76627]:جامع البيان 30/252-253.
[76628]:ساقط من أ.
[76629]:المدثر:1.
[76630]:المزمل:1.