فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ} (3)

ثم كرر الأمر بالقراءة للتأكيد والتقرير فقال { اقرأ } أي افعل ما أمرت به من القراءة ، وجملة { وربك الأكرم } مستأنفة لإزاحة ما اعتذر به صلى الله عليه وسلم من قوله : " ما أنا بقارئ " ، يريد أن القراءة شأن من يكتب ويقرأ ، وهو أمي ، فقيل له : اقرأ وربك الذي أمرك بالقراءة هو الأكرم ، قال الكلبي : يعني الحليم عن جهل العباد ، فلم يعجل بعقوبتهم .

وقيل : إنه أمره بالقراءة أولا لنفسه ، ثم أمره بالقراءة ثانيا للتبليغ ، فلا يكون من باب التأكيد ، والأول أولى . والأكرم صفة تدل على المبالغة في الكرم ؛ إذ كرمه يزيد على كل كرم ، لأنه ينعم بالنعم التي لا تحصى .

قال في البحر : ومن غريب ما رأينا تسمية النصارى بهذه الصفة التي هي صفة الله تعالى ، يسمون الأكرم والرشيد وفخر السعداء وسعيد السعداء في ديار مصر ، ويدعوهم بها المسلمون ، ويزيدون عليها على سبيل التعظيم : الشيخ الأكرم ، والشيخ الأسعد ، والشيخ الرشيد ، فيالها من خزي يوم عرض الأقوال والأفعال على الله تعالى .