تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ} (3)

قوله :{ اقرأ وربك الأكرم } { الذي علم بالقلم } آية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد الحرام ، فإذا أبو جهل يقلد إلهه الذي يعبده طوقا من ذهب ، وقد طيبه بالمسك ، وهو يقول : يا هبل لكل شيء سكن ، ولك خير جزاء ، أما وعزتك لأسرنك القابل ، وذلك أنه كان ولد له في تلك السنة ألف من الإبل ، وجاءه عير من الشام فربح عشرة آلاف مثقال من الذهب ، فجعل ذلك الشكر لهبل ، وهو صنم كان في جوف الكعبة طوله ثمانية عشرة ذراعا .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ويحك ، أعطاك إلهك وشكرت غيره ، ما والله لله فيك نقمة ، فانظر متى تكون ؟ ويحك ، يا عم ، أدعوك إلى الله وحده ، فإنه ربك ورب آبائك الأولين ، وهو خلقك ورزقك ، فإن اتبعتني أصبت الدنيا والآخرة" ، قال له : واللات والعزى ورب هذه البنية لئن لم تنته عن مقالتك هذه ، فإن وجدتك هاهنا ، وأنت تعبد غير آلهتنا لأسفعنك على ناصيتك يقول : لأخرجنك على وجهك ، أليس هؤلاء بناته ، قال : وأنى يكون له ولد ؟

فأنزل الله عز وجل :{ علم الإنسان ما لم يعلم } آية والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بالأراك ضحى ، ثم بين ، فقال :{ خلق الإنسان من علق } يعني من دم حتى تحولت النطفة دما ، اقرأ يا محمد ، ثم استأنف ، فقال :{ وربك الأكرم الذي علم } الكتابة { بالقلم علم الإنسان } من القرآن { ما لم يعلم } .