{ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } أي : ملك يسوقه إلى المحشر ، وملك يشهد عليه بأعماله . هذا هو الظاهر من الآية الكريمة . وهو اختيار ابن جرير ، ثم روي من حديث إسماعيل بن أبى خالد عن يحيى بن رافع - مولى لثقيف - قال : سمعت عثمان بن عفان يخطب{[27308]} ، فقرأ هذه الآية : { وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } ، فقال : سائق يسوقها إلى الله ، وشاهد يشهد عليها بما عملت . وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد .
وقال مُطَرِّف ، عن أبي جعفر - مولى أشجع - عن أبي هريرة : السائق : الملك والشهيد : العمل . وكذا قال الضحاك والسدي .
وقال العَوْفي عن ابن عباس : السائق من الملائكة ، والشهيد : الإنسان نفسه ، يشهد على نفسه . وبه قال الضحاك بن مُزاحِم أيضا .
عُطِفت جملة { جاءت كل نفس } على جملة { نُفخ في الصور } . والمراد ب { كل نفس } كل نفس من المتحدث عنهم وهم المشركون ، ويدل عليه أمور :
والثاني : قوله { معها سائق } لأن السائق يناسب إزجاء أهل الجرائم ، وأما المهديون إلى الكرامة فإنما يهديهم قائد يسير أمامهم قال تعالى : { كأنما يساقون إلى الموت } [ الأنفال : 6 ] .
والثالث : قوله بعده { لقد كنت في غفلة من هذا } [ ق : 22 ] .
والرابع : قوله بعده { وقال قرينه هذا ما لدي عتيد } [ ق : 23 ] الآية .
وجملة { معها سائق وشهيد } بدل اشتمال من جملة { جاءت كل نفس } . و { سائق } مرفوع بالظرف الذي هو { معها } على رأي من أجازه ، أو مبتدأ خبره { معها } . ويجوز أن يكون جملة { معها سائق وشهيد } حَالا من { كلُّ نفس } . وعطف { وشهيد } على { سائق } يجوز أن يكون من عطف ذات على ذات فيكون المراد ملكان أحدهما يسوق النفس إلى المحشر والآخر يشهد عليها بما حوته صحائف أعمالها . ويجوز أن يكون من عطف الصفات مثل :
والسائق الذي يجعل غيره أمَامه يزجيه في السير ليكون بمرأى منه كيلا ينفلت وذلك من شأن المشي به إلى ما يسوء قال تعالى : { كأنما يساقون إلى الموت } [ الأنفال : 6 ] وقال : { وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا } [ الزمر : 71 ] ، وأما قوله : { وسيق الذين اتّقوا ربّهم إلى الجنّة زمرا } [ الزمر : 73 ] فمشاكلة . وضِد السوق : القَودْ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.