فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَجَآءَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّعَهَا سَآئِقٞ وَشَهِيدٞ} (21)

{ وجاءت } فيه { كل نفس } من النفوس { معها سائق وشهيد } أي من يسوقها ، ومن يشهد لها وعليها ، واختلف في السائق والشهيد ، فقال الضحاك : السائق من الملائكة ، والشهيد من أنفسهم : يعني الأيدي والأرجل وقال الحسن وقتادة : سائق يسوقها ؛ وشاهد يشهد عليها بعملها أي هما ملكان ، وقيل : ملك جامع بين الوصفين ، وقال ابن مسلم : السائق قرينها من الشياطين سمي سائقا لأنه يتبعها وإن لم يحثها ، والشهيد جوارحه وأعماله ، وقال مجاهد : السائق والشهيد ملكان ، وقيل : السائق كاتب السيئات والشهيد كاتب الحسنات ، قال عثمان بن عفان : سائق ملك يسوقها إلى أمر الله وشهيد ملك يشهد عليها بما عملت ، قال القرطبي : قلت هذا أصح .

وعن أبي هريرة قال : السائق الملك ، والشهيد العمل ، وقال ابن عباس : السائق الملك والشهيد شاهد عليه من نفسه ، ثم في الآية قولان .

أحدهما : أنها عامة في المسلم والكافر ، وهو قول الجمهور .

الثاني : أنها خاصة بالكافر ، قاله الضحاك ويقال للكافر : { لقد كنت في غفلة من هذا } وبه قال ابن عباس وقال الضحاك : المراد بهذا المشركون ، لأنهم كانوا في غفلة من عواقب أمورهم ، وقال ابن زيد : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة ، وقال أكثر المفسرين المراد به جميع الخلق برهم وفاجرهم ، واختار هذا ابن جرير لأنه ما من أحد إلا وله اشتغال ما عن الآخرة ، قرأ الجمهور بفتح التاء من كنت وفتح الكاف في غطاءك وبصرك حملا على ما في لفظ كل من التذكير وقرئ بالكسر في الجميع على أن المراد النفس .