محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَجَآءَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّعَهَا سَآئِقٞ وَشَهِيدٞ} (21)

{ وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } قال ابن جرير :{[6756]} أي سائق يسوقها إلى الله ، وشاهد يشهد عليها بما عملت في الدنيا من خير أو شر . وهل هما ملكان ، أو ملك جامع للوصفين ، أو الأول ملك ، والثاني الإنسان نفسه يشهد على نفسه ، أو سائق من أعمالها ، إلى مكان جزائها ، وشهيد من أجزائها ؟ أقوال :

وقال القاشانيّ : أي سائق من علمه ، وشهيد من عمله ، لأن كل أحد ينجذب إلى محل نظره ، وما اختاره بعلمه . والميل الذي يسوقه إلى ذلك الشيء إنما نشأ من شعوره بذلك الشيء ، وحكمه بملاءمته له ، سواء كان أمرا سفليا جسمانيا بعثه عليه هواه ، وأغراه عليه وهمه وقوّاه ، أم أمرا علويّا روحانيا بعثه عليه عقله ، ومحبته الروحانية ، وحرّضه عليه قلبه وفطرته الأصلية . فالعلم الغالب عليه سائقه إلى معلومه ، وشاهده بالميل الغالب عليه ، والحب الراسخ فيه ، / والعمل المكتوب في صحيفته يشهد عليه بظهوره على صور أعضائه وجوارحه ، وينطق عليه كتابه بالحق ، وجوارحه بهيآت أعضائه المتشكلة بأعماله . انتهى .


[6756]:انظر الصفحة رقم 161 من الجزء السادس والعشرين)طبعة الحلبي الثانية(.