اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَآءَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّعَهَا سَآئِقٞ وَشَهِيدٞ} (21)

قوله : { وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } قيل : السائق هو الذي يسوقه إلى الموقف ومنْه إلى مقعده ، والشهيدُ هو الكاتب . والسائق لازم للبرِّ والفَاجِرِ ، أما البَرُّ فيساق إلى الجنة وأما الفاجر فإلى النار ، قال تعالى : { وَسِيقَ الذين كفروا إلى جَهَنَّمَ . . . وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة } [ الزمر : 71 - 73 ] ، والشهيد{[52393]} يشهد عليها بما عملت . قال الضحاك : السائق من الملائكة والشاهد من أنفسهم الأيدي والأرجل ، وهي رواية العَوْفي عن ابن عباس . وقيل : هما جميعاً من الملائكة .

قوله : «مَعَهَا سَائِقٌ » جملة في موضع جر صفة «لِنَفسٍ » أو في موضع رفع صفة «لكُلّ » أو في موضع نصب حالاً من «كُلّ »{[52394]} . والعامة على عدم الإدغام في «معها » وطلحة على الإدغام{[52395]} «مَحَّا » بحاءٍ مشددة ، وذلك أنه أدغم العين في الهاء{[52396]} ، ولا يمكن ذلك فقلبت الهاء حاء ثم أدغم فيها العين فقلبها حاءً . وسمع : ذَهَبَ مَحُّمْ أي معهم{[52397]} . وقال الزمخشري : ومحل «مَعَهَا سَائقٌ » النصب على الحال من «كُلّ » ؛ لتعرفه بالإضافة إلى ما هو في حكم المعرفة{[52398]} . وأنْحى عليه أبو حيان وقال : لا يقولُ هذا مبتدئٌ في النحو ، لأنه لو نعت «كُلُّ نَفْسٍ » مَا نعت إلا بالنكرة{[52399]} . قال شهاب الدين : وهذا منه غير مرض إذ يعلم أنه لم يرد حقيقة ما قاله{[52400]} .


[52393]:البغوي والخازن 6/236.
[52394]:وجازت الحالية من (كل) النكرة لما فيه من العموم والتقدير: يقال له: لقد كنت وذكر على المعنى. قاله العكبري بإعراباته تلك في التبيان 1175.
[52395]:وهي شاذة انظر البحر 8/124.
[52396]:لأن الحرفين يخرجان من الحلق.
[52397]:كذا قال أبو حيان في البحر المرجع السابق.
[52398]:الكشاف 4/7.
[52399]:البحر المرجع السابق.
[52400]:قاله في دره المصون مخطوط مكتبة الإسكندرية لوحة رقم 108.