وقوله - تعالى - : { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } صفتان للظل . أى : هذا الظل لا شىء فيه من البرودة التى يستروح بها من الحر . ولا شىء فيه من النفع لمن يأوى إليه .
فهاتان الصفتان لبيان انتفاء البرودة والنفع عنه ، ومتى كان كذلك انتفت عنه صفات الظلال التى يحتاج إليها .
قال صاحب الكشاف : قوله - تعالى - : { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } صفتان للظل . أى : هذا الظل لا شىء فيه من البرودة التى يستروح بها من الحر . ولا شىء فيه من النفع لمن يأوى إليه .
فهاتان الصفتان لبيان انتفاء البرودة والنفع عنه ، ومتى كان كذلك انتفت عنه صفات الظلال التى يحتاج إليها .
قال صاحب الكشاف : قوله - تعالى - : { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } نفى لصفتى الظل عنه ، يريد أنه ظل ولكن لا كسائر الظلال سماه ظلا ثم نفى عنه برد الظل وروحه ونفعه لمن يأوى إليه من أذى الحر ، ليمحق ما فى مدلول الظل من الاسترواح إليه . والمعنى : أنه ظل حار ضار ، إلا أن للنفى فى نحو هذا شأنا ليس للإثبات ، وفيه تهكم بأصحاب المشأمة ، وأنهم لا يستأهلون الظل البارد الكريم ، الذى هو لأضدادهم فى الجنة . . .
وهنا يصل بنا السياق إلى أصحاب الشمال - وهم أصحاب المشأمة الذين سبقت الإشارة إليهم في مطلع السورة :
وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ? في سموم وحميم . وظل من يحموم . لا بارد ولا كريم . إنهم كانوا قبل ذلك مترفين . وكانوا يصرون على الحنث العظيم . وكانوا يقولون : أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون ? أو آباؤنا الأولون ? قل : إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم . ثم إنكم أيها الضالون المكذبون . لآكلون من شجر من زقوم . فمالئون منها البطون . فشاربون عليه من الحميم . فشاربون شرب الهيم . هذا نزلهم يوم الدين . .
فلئن كان أصحاب اليمين في ظل ممدود وماء مسكوب . . فأصحاب الشمال ( في سموم وحميم وظل من يحموم ، لا بارد ولا كريم ) . . فالهواء شواظ ساخن ينفذ إلى المسام ويشوي الأجسام . والماء متناه في الحرارة لا يبرد ولا يروي . وهناك ظل ! ولكنه ( ظل من يحموم ) . . ظل الدخان اللافح الخانق . . إنه ظل للسخرية والتهكم ظل( لا بارد ولا كريم ) . . فهو ظل ساخن لا روح فيه ولا برد ؛ وهو كذلك كز لا يمنح وراده راحة ولا إنعاشا . .
{ لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ } أي : ليس طيب الهبوب ولا حَسَن المنظر ، كما قال الحسن وقتادة : { وَلا كَرِيمٍ } أي : ولا كريم المنظر . وقال الضحاك : كل شراب ليس بعذب فليس بكريم .
وقال ابن جرير : العرب تتبع هذه اللفظة في النفي ، فيقولون : " هذا الطعام ليس بطيب ولا كريم ، هذا اللحم ليس بسمين ولا كريم ، وهذه الدار ليست بنظيفة ولا كريمة " .
وقوله : لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ يقول تعالى ذكره : ليس ذلك الظلّ ببارد ، كبرد ظلال سائر الأشياء ، ولكنه حارّ ، لأنه دخان من سعير جهنم ، وليس بكريم لأنهم مؤلم من استظلّ به ، والعرب تتبع كلّ منفيّ عنه صفة حمد نفي الكرم عنه ، فتقول : ما هذا الطعام بطيب ولا كريم ، وما هذا اللحم بسمين ولا كريم وما هذه الدار بنظيفة ولا كريمة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا النضر ، قال : حدثنا جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : لا بارِد ولاَ كَرِيمٍ قال : كلّ شراب ليس بعذب فليس بكريم . وكان قتادة يقول في ذلك ما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ قال : لا بارد المنزل ، ولا كريم المنظر .
وقوله : { ولا كريم } قال الطبري وغيره معناه : ليس له صفة مدح في الظلال ، وهذا كما تقول : ثوب كريم ونسب كريم ، يعني بذلك أن له صفات مدح{[10912]} .
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن يصفه بعدم الكرم على معنى : ألا كرامة لهم ، وذلك أن المرء في الدنيا قد يصبر على سوء الموضوع لقرينة إكرام يناله فيه من أحد ، فجمع هذا الظل في النار أنه سيئ الصفة وهم فيه مهانون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.