الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ} (44)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم نعت الظل، فقال: {لا بارد} المقيل {ولا كريم} يعني ولا حسن المنزل...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ" يقول تعالى ذكره: ليس ذلك الظلّ ببارد، كبرد ظلال سائر الأشياء، ولكنه حارّ، لأنه دخان من سعير جهنم، وليس بكريم لأنه مؤلم من استظلّ به، والعرب تتبع كلّ منفيّ عنه صفة حمد نفي الكرم عنه، فتقول: ما هذا الطعام بطيب ولا كريم، وما هذا اللحم بسمين ولا كريم وما هذه الدار بنظيفة ولا كريمة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ولا كريم} لأنه لهوانهم ليس للكرامة...

لا بارد المنزل ولا كريم المنظر.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{لا بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ}... لا طيب ولا نافع.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ولا كريم، لأن كل ما انتفى عنه الخير، فليس بكريم.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

{لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ}: لا بارد: أي لا راحةَ فيه. ولا كريمٍ: ولا حَسَنٍ لهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

نفي لصفتي الظل عنه، يريد: أنه ظل، ولكن لا كسائر الظلال: سماه ظلاً، ثم نفى عنه برد الظل وروحه ونفعه لمن يأوي إليه من أذى الحر وذلك كرمه ليمحق ما في مدلول الظل من الاسترواح إليه. والمعنى أنه ظلّ حارّ ضارّ إلا أنّ للنفي في نحو هذا شأنا ليس للإثبات. وفيه تهكم بأصحاب المشأمة، وأنهم لا يستأهلون الظل البارد الكريم الذي هو لأضدادهم في الجنة. وقرىء: «لا بارد ولا كريم» بالرفع، أي: لا هو كذلك.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{لا بارد ولا كريم} قال الزمخشري: كرم الظل نفعه الملهوف، ودفعه أذى الحر عنه، ولو كان كذلك لكان البارد والكريم بمعنى واحد، والأقرب أن يقال: فائدة الظل أمران: أحدهما دفع الحر، والآخر كون الإنسان فيه مكرما، وذلك لأن الإنسان في البرد يقصد عين الشمس ليتدفأ بحرها إذا كان قليل الثياب، فإذا كان من المكرمين يكون أبدا في مكان يدفع الحر والبرد عن نفسه في الظل، أما الحر فظاهر، وأما البرد فيدفعه بإدفاء الموضع بإيقاد ما يدفئه، فيكون الظل في الحر مطلوبا للبرد فيطلب كونه باردا، وفي البرد يطلب لكونه ذا كرامة لا لبرد يكون في الظل فقال: {لا بارد} يطلب لبرده، ولا ذي كرامة قد أعد للجلوس فيه... {لا بارد ولا كريم} معناه لا مدح فيه أصلا لا حسا ولا عقلا...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان المعهود من الظل البرد والإراحة، نفى ذلك عنه فقال: {لا بارد} ليروح النفس {ولا كريم} ليؤنس به ويلجأ إليه ويرجى خيره ويعول في حال عليه بأن يفعل ما يفعله الواسع الخلق الصفوح من الإكرام، بل هو مهين، سماه ظلاًّ لترتاح النفس إليه ثم نفى عنه نفع الظل وبركته لينضم حرقان: اليأس بعد الرجاء إلى إخراق اليحموم فتصير الغصة غصتين...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وحرف {مِن} بيانية إذ الظل هنا أريد به نفس اليحموم، أي الدخان الأسود. ووصف {ظل} بأنه {من يحموم} للإِشعار بأنه ظل دخان لَهب جهنم، والدخان الكثيف له ظل لأنه بكثافته يحجب ضوء الشمس، وإنما ذكر من الدخان ظله لمقابلته بالظل الممدود المُعدّ لأصحاب اليمين في قوله: {وظل ممدود} [الواقعة: 30]، ولتحقيق معنى التهكم وصف هذا الظل بما يفيد نفي البرد عنه ونفي الكرم، فبرد الظلّ ما يحصل في مكانه من دفع حرارة الشمس، وكرمُ الظلّ ما فيه من الصفات الحسنة في الظلال مثل سلامته من هبوب السموم عليه، وسلامة الموضع الذي يظله من الحشرات والأوساخ، وسلامة أرضه من الحجارة ونحو ذلك إذ الكريم من كل نوع هو الجامع لأكثر محاسن نوعه، كما تقدم في قوله تعالى: {إني ألقي إليّ كتاب كريم} في سورة سليمان (29)، فوُصف ظلّ اليحموم بوصف خاص وهو انتفاء البرودة عنه واتبع بوصف عام وهو انتفاء كرامة الظلال عنه، ففي الصفة بنفي محاسن الظلال تذكير للسامعين بما حُرم منه أصحاب الشمال عسى أن يحذروا أسباب الوقوع في الحرمان، ولإفادة هذا التذكير عدل عن وصف الظلّ بالحرارة والمضرّة إلى وصفه بنفي البرد ونفي الكرم.