البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ} (44)

{ لا بارد ولا كريم } : صفتان للظل نفيتا ، سمي ظلاً وإن كان ليس كالظلال ، ونفي عنه برد الظل ونفعه لمن يأوي إليه .

{ ولا كريم } : تتميم لنفي صفة المدح فيه ، وتمحيق لما يتوهم في الظل من الاسترواح إليه عند شدّة الحر ، أو نفي لكرامة من يستروح إليه .

ونسب إليه مجازاً ، والمراد هم ، أي يستظلون إليه وهم مهانون .

وقد يحتمل المجلس الرديء لنيل الكرامة ، وبدئ أولاً بالوصف الأصلي الذي هو الظل ، وهو كونه من يحموم ، فهو بعض اليحموم .

ثم نفى عنه الوصف الذي يبغي له الظل ، وهو كونه لا بارداً ولا كريماً .

وقد يجوز أن يكون { لا بارد ولا كريم } صفة ليحموم ، ويلزم منه أن يكون الظل موصوفاً بذلك .

وقرأ الجمهور : { لا بارد ولا كريم } بجرهما ؛ وابن عبلة : برفعهما : أي لا هو بارد ولا كريم ، على حد قوله :

فأبيت لا حرج ولا محروم . . .

أي لا أنا حرج .