معاني القرآن للفراء - الفراء  
{لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ} (44)

وقوله : { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } .

وجه الكلام أن يكون خفضاً متبعاً لما قبله .

ومثله : { زَيْتُونَةٍ لا شرقيةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ } . وكذلك : { وفاكهةٍ كثيرةٍ لا مقطُوعةٍ ولا ممنوعةٍ } ، ولو رفعت ما بعد لا لكان صوابا من كلام العرب ، أنشدني بعضهم :

وتُريكَ وجها كالصحيفةِ ، لا *** ظمآنُ مختلجٌ ، ولا جَهْمُ

كعقيلةِ الدُّرِّ استضاء بها *** محراب عرْش عزيزها العُجْمُ

وقال آخر :

ولقد أبِيت من الفتاة بمنزلٍ *** فأبيت لا زانٍ ولا محروم

يستأنفون بلا ، فإذا ألقوها لم يكن إلاّ أن تتبع أول الكلام بآخره ، والعرب تجعل الكريم تابعاً لكل شيء نفت عنه فعلا تنوي به الذم ، يقال : أسمينٌ هذا ؟ فتقول : ما هو بسمين ولا كريم ، وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة .