فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ} (44)

ثم وصف الله سبحانه هذا الظل بقوله :{ لا بارد } أي ليس كغيره من الظلال التي تكون باردة بل هو حار ضار لأنه من دخان نار جهنم { ولا كريم } قال سعيد بن المسيب : أي ليس فيه حسن المنظر ، وكل ما لا خير فيه فليس بكريم ، وقال الضحاك : ولا كريم ولا عذب ، قال الفراء : العرب يجعل الكريم تابعا لكل شيء نفت عنه وصفا تنوي به الدم ، تقول ما هو بسمين ولا كريم ، وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة ، والنعتان المذكوران لقوله : ظل لا ليحموم وما قيل من أنه يلزم على ذلك تقديم غير الصريحة على الصريحة فلا يرد ، لأن الترتيب غير واجب نص عليه الرضى مع أنه هنا يفضي إلى عدم توازن الفاصلتين ، وجعلهما نعتين ليحموم لا يلائم البلاغة القرآنية ، وكان من حق الظاهر أن يقال : وظل حار ضار ، فعدل إلى قوله { وظل من يحموم } ليتبادر منه إلى الذهن أولا الظل المتعارف ، فيطمع السامع ، فإذا نفى عنه ما هو المطلوب من الظل ، وهو البرد والاسترواح جاءت السخرية والتهكم والتعريض بأن الذين يستأهلون الظل الذي فيه برد وإكرام غير هؤلاء ، فيكون أشجى لحلوقهم ، وأشد لتحسرهم . قال الرازي : وفي الأمور الثلاثة إشارة إلى كونهم في العذاب دائما