المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

103- إن في ذلك القَصَص لموعظة يعتبر بها من أيقن بالبعث وخاف عذاب يوم الآخرة ، ذلك يوم مجموع للحساب فيه الناس ، وذلك يوم مشهود يراه الملائكة والناس .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ ْ } المذكور ، من أخذه للظالمين ، بأنواع العقوبات ، { لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ْ } أي : لعبرة ودليلا ، على أن أهل الظلم والإجرام ، لهم العقوبة الدنيوية ، والعقوبة الأخروية ، ثم انتقل من هذا ، إلى وصف الآخرة فقال : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ْ } أي : جمعوا لأجل ذلك اليوم ، للمجازاة ، وليظهر لهم من عظمة الله وسلطانه وعدله العظيم ، ما به يعرفونه حق المعرفة .

{ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ْ } أي : يشهده الله وملائكته ، وجميع المخلوقين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

ثم بين - سبحانه - أن ما ساقه فى هذه القرآن عن أحوال السابقين فيه العبرة لمن اعتبر ، وفيه العظة لمن خاف عذاب الآخرة الذى ينقسم الناس فيه إلى شقى وسعيد ، فقال - تعالى - :

{ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لِّمَنْ خَافَ . . . }

أى { إِنَّ فِي ذلك } القصص الذى قصصناه عليك - يا محمد - والمشتمل على بيان سنة الله التى لا تتخلف فى إهلاك الظالمين .

{ لآية } أى : لعبرة عظيمة ، وعظة بليغة ، وحجة واضحة .

{ لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة } لأنه هو المنتفع بالعبر والعظات لصدق إيمانه ، وصفاء نفسه ، وإيقانه بأن هناك فى الآخرة ثوابا وعقابا ، وحسابا على الأعمال الدنيوية . .

أما الذى ينكر الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب ، فإنه لا يعتبر بما أصاب الظالمين من عذاب دنيوى دمرهم تدميرا ، بل ينسب ذلك إلى طبيعة أو فلكية أو غيرهما ، لا علاقة لها بكفرهم وظلمهم وطغيانهم . . .

" لأن الخائف من عذاب الآخرة ، عندما يرى ما حل بالمجرمين فى الدنيا من عقاب ، يزداد إيمانا على إيمانه ، وتصديقا على تصديقه ، بأن الله - تعالى - قادر على أن يعذبهم فى الآخرة عذابا أشد وأبقى من عذاب الدنيا . . . "

ثم بين - سبحانه - أن يوم القيامة آت لا ريب فيه فقال : { ذلك يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ الناس وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ }

واسم الإِشارة فى الموضعين ، يعود إلى يوم القيامة المدلول عليه بذكر عذاب الآخرة قبل ذلك ، واللام فى قوله - سبحانه - { مَّجْمُوعٌ لَّهُ } لام العلة .

أى : ذلك اليوم وهو يوم القيامة ، يوم يجمع الناس فيه لأجل محاسبتهم ومجازاتهم على أعمالهم ، ويشهده جميع الخلائق الذين يؤمرون بشهوده ، دون أن يغيب منهم أحد قال صاحب الكشاف : و { الناس } رفع باسم المفعول الذى هو { مجموع } كما يرفع بفعله إذا قلت يجمع له الناس .

فإن قلت : لأى فائدة أوثر اسم المفعول على فعله ؟

قلت : لما فى اسم المفعول من دلالة على ثبات معنى الجمع لليوم ، وأنه يوم لابد من أن يكون ميعادا مضروبا لجمع الناس له ، وأنه الموصوف بذلك صفة لازمة ، وهو أثبت - أيضا - لإِسناد الجمع إلى الناس وأنهم لا ينفكون منه .

ونظيره قول المهدد : إنك لمنهوب مالك ، محروب قومك ، فيه من تمكن الوصف وثباته ما ليس فى الفعل . . .

والمراد بالمشهود : الذى كثر شاهدوه ، ومنه قولهم : لفلان مجلس مشهود ، وطعام محضور . . . والغرض من ذلك ، وصف هذا اليوم بالهول والعظم وتميزه من بين الأيام ، بأنه اليوم الذى يشهد فيه الخلائق الموقف لا يغيب عنه أحد . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

100

ذلك الأخذ الأليم الشديد في الدنيا علامة على عذاب الآخرة ، يراها من يخافون عذاب الآخرة ، أي الذين تفتحت بصائرهم ليدركوا أن الذي يأخذ القرى بظلمها في هذه الحياة سيأخذها بذنوبها في الآخرة ، فيخافوا هذا العذاب . . وهنا يعبر السياق بالقلب البشري من مشاهد الأرض إلى مشاهد القيامة على طريقة القرآن في وصل الرحلتين بلا فاصل في السياق : ( إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة . ذلك يوم مجموع له الناس ، وذلك يوم مشهود . وما نؤخره إلا لأجل معدود . يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه ، فمنهم شقي وسعيد . فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق . خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض - إلا ما شاء ربك - إن ربك فعال لما يريد . وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض - إلا ما شاء ربك - عطاء غير مجذوذ )

( إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ) . .

ففي ذلك الأخذ الأليم الشديد مشابه من عذاب الآخرة ، تذكر بهذا اليوم وتخيف . .

وإن كان لا يراها إلا الذين يخافون الآخرة فتتفتح بصائرهم بهذه التقوى التي تجلو البصائر والقلوب . .

والذين لا يخافون الآخرة تظل قلوبهم صماء لا تتفتح للآيات ، ولا تحس بحكمة الخلق والإعادة ، ولا ترى إلا واقعها القريب في هذه الدنيا ، وحتى العبر التي تمر في هذه الحياة لا تثير فيها عظة ولا فهما .

ثم يأخذ في وصف ذلك اليوم . .

( ذلك يوم مجموع له الناس ، وذلك يوم مشهود ) . .

وهنا يرتسم مشهد التجميع يشمل الخلق جميعا ، على غير إرادة منهم ، إنما هو سوق الجميع سوقا إلى ذلك المعرض المشهود ، والكل يحضر والكل ينتظر ما سوف يكون . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

وقال تعالى : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ } {[14904]} أي : أولهم وآخرهم ، فلا يبقى منهم أحد ، كما قال : { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا } [ الكهف : 47 ] .

{ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } أي : يوم عظيم تحضره الملائكة كلهم ، ويجتمع فيه الرسل جميعهم ، وتحشر فيه الخلائق بأسرهم ، من الإنس والجن والطير والوحوش والدواب ، ويحكم فيهم{[14905]} العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها .


[14904]:- قبلها في ت ، أ : "إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة".
[14905]:- في أ : "فيه".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لّمَنْ خَافَ عَذَابَ الاَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مّجْمُوعٌ لّهُ النّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مّشْهُودٌ } .

يقول تعالى ذكره : إن في أخذنا مَن أخذنا من أهل القرى التي اقتصصنا خبرها عليكم أيها الناس { لآية } ، يقول : لعبرة وعظة لمن خاف عقاب الله وعذابه في الاَخرة من عباده ، وحجة عليه لربه ، وزاجرا يزجره عن أن يعصي الله ويخالفه فيما أمره ونهاه . وقيل : بل معنى ذلك : إن فيه عبرة لمن خاف عذاب الاَخرة بأن الله سيفي له بوعده . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إ{ نّ فِي ذلكَ لآيَةً لِمَنْ خافَ عَذَابَ الاَخِرَةِ } ، إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الاَخرة ، كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم . وقوله : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ } ، يقول تعالى ذكره : هذا اليوم ، يعني : يوم القيامة ، { يوْمٌ مجموعٌ له الناس } ، يقول : يحشر الله الناس من قبورهم ، فيجمعهم فيه للجزاء والثواب والعقاب . { وَذَلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } ، يقول : وهو يوم تشهده الخلائق لا يتخلف منهم أحد ، فينتقم حينئذ ممن عصى الله وخالف أمره وكذب رسله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، في قوله : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وذلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } ، قال : يوم القيامة .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن عكرمة ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن عليّ بن زيد ، عن يوسف المكيّ ، عن ابن عباس ، قال : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم القيامة . ثم قرأ : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وذلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد ، عن عليّ بن زيد ، عن ابن عباس ، قال : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم القيامة . ثم تلا هذه الآية : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وذلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } .

حُدثت عن المسيب عن جويبر ، عن الضحاك ، قوله : { ذلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وذلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } ، قال : ذلك يوم القيامة ، يجتمع فيه الخلق كلهم ، ويشهده أهل السماء وأهل الأرض .