الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّمَنۡ خَافَ عَذَابَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّشۡهُودٞ} (103)

قوله تعالى : { ذلِكَ يَوْمٌ } : " ذلك " إشارةٌ إلى يوم القيامة ، المدلولِ عليه بالسياق من قوله : " عذابَ الآخرة " . و " مجموع " صفةٌ ل " اليوم " جَرَتْ على غير مَنْ هي له فلذلك رَفَعَت الظاهرَ وهو " الناس ، وهذا هو الإِعراب نحو ، مررت برجلٍ مضروبٍ غلامُه " . وأعرب ابن عطية " الناس " مبتدأ مؤخراً و " مجموع " خبره مقدماً عليه ، وفيه ضعف ؛ إذ لو كان كذلك لقيل : مجموعون ، كما يقال : الناس قائمون ومضروبون ، ولا يقال : قائم ومضروب إلا بضعف . وعلى إعرابه يحتاج إلى حذف عائد ، إذ الجملةُ صفة لليوم ، وهو الهاء في له ، أي : الناس مجموع له ، و " مشهود " متعيِّنٌ لأن يكونَ صفة فكذلك ما قبله .

وقوله : { مَّشْهُودٌ } من بابِ الاتساعِ في الظرف/ بأنْ جَعَلَه مشهوداً ، وإنما هو مشهودٌ فيه ، وهو كقوله :

2707 ويومٍ شَهِدْناه سُلَيْماً وعامِراً *** قليلٌ سوى الطعنِ النِّهالِ نوافلُهْ

والأصل : مشهود فيه ، وشَهِدْنا فيه ، فاتُّسِع فيه بأنْ وَصَل الفعلُ إلى ضميره من غير واسطة ، كما يصل إلى المفعول به . قال الزمخشري : " فإن قلت : أيُّ فائدة في أن أوثر اسمُ المفعول على فِعْله ؟ قلت : لِما في اسم المفعول من دلالته على ثبات معنى الجمع لليوم ، وأنَّه لا بد أن يكونَ ميعاداً مضروباً لجمع الناس له ، وأنه هو الموصوفُ بذلك صفةً لازمة " .