المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ} (12)

12- أتكذِّبون رسول الله ، فتجادلونه على ما يراه معاينة ؟ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ} (12)

{ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } أي : اتفق فؤاد الرسول صلى الله عليه وسلم ورؤيته على الوحي الذي أوحاه الله إليه ، وتواطأ عليه سمعه وقلبه وبصره ، وهذا دليل على كمال الوحي الذي أوحاه الله إليه ، وأنه تلقاه منه تلقيا لا شك فيه ولا شبهة ولا ريب ، فلم يكذب فؤاده ما رأى بصره ، ولم يشك بذلك . ويحتمل أن المراد بذلك ما رأى صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، من آيات الله العظيمة ، وأنه تيقنه حقا بقلبه ورؤيته ، هذا [ هو ] الصحيح في تأويل الآية الكريمة ، وقيل : إن المراد بذلك رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة الإسراء ، وتكليمه إياه ، وهذا اختيار كثير من العلماء رحمهم الله ، فأثبتوا بهذا رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا ، ولكن الصحيح القول الأول ، وأن المراد به جبريل عليه السلام ، كما يدل عليه السياق ، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى جبريل في صورته الأصلية [ التي هو عليها ] مرتين ، مرة في الأفق الأعلى ، تحت السماء الدنيا كما تقدم ، والمرة الثانية فوق السماء السابعة ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال :{ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ} (12)

ثم وبخ - سبحانه - المشركين على تكذيبهم للنبى - صلى الله عليه وسلم - فيما يخبرهم عنه من شئون الوحى ، فقال : { أَفَتُمَارُونَهُ على مَا يرى } .

والمماراة : المجادلة والملاحاة بالباطل . يقال : مارَى فلان فلانا مماراة ومِرَاء ، إذا جادله ، مأخوذ من مَرَى الناقة يَمْريها . إذا مسح ضرعها ليستدر لبنها ، ويأخذه كاملا ، فشبه الجدال بذلك ، لأن كل واحد من المتجادلين يَمرِّى ما عند صاحبه ، أى : يسعى لاستخراج كل ما عنده ، حتى يقيم الحجة عليه .

وعدى الفعل بعلى لتضمنه معنى المغالبة .

أى : أفتجادلون نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيما رآه بعينيه ، وتجادلونه فى شىء هو تحقق منه بعقله وبصره ، وهو ملاقاته ورؤيته لأمين وحينا جبريل - عليه السلام - ؟ إن مجادلتكم له فى ذلك ، هو من قبيل التعنت الواضح ، والجهل الفاضح ، لأنكم كذبتموه وجادلتموه فى شىء هو قد رآه وتحقق منه ، وأنتم تعلمون أنه صادق أمين .

فالمقصود بالاستفهام تبكيتهم وتجهيلهم على جدالهم بالباطل .

هذا وقد ذكر العلماء ، أن هذه الآيات ، تشير إلى رؤية النبى - صلى الله عليه وسلم - لجبريل ، على الهيئة التى خلقه الله - تعالى - عليها ، فقد كان جبريل يأتى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى صورة آدمى ، فسأله أن يريه نفسه على صورته التى خلق عليها ، فأراه نفسه مرتين : مرة فى الأرض وهى التى تشير إليها هذا الآيات ، ومرة فى السماء ، وهى التى تشير إليها الآيات التالية .

وقد توسع الإمام ابن كثير فى ذكر الأحاديث التى وردت فى ذلك فقال ما ملخصه :

عن عبد الله بن مسعود ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ير جبريل فى صورته إلى مرتين ، أما واحدة فإنه سأله أن يراه فى صورته ، فسد الأفق ، وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ} (12)

وهي حال لا يتأتى معها كذب في الرؤية ، ولا تحتمل مماراة أو مجادلة : ( ما كذب الفؤاد ما رأى . أفتمارونه على ما يرى ? ) . . ورؤية الفؤاد أصدق وأثبت ، لأنها تنفي خداع النظر . فلقد رأى فتثبت فاستيقن فؤاده أنه الملك ، حامل الوحي ، رسول ربه إليه ، ليعلمه ويكلفه تبليغ ما يعلم . وانتهى المراء والجدال ، فما عاد لهما مكان بعد تثبت القلب ويقين الفؤاد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ} (12)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىَ مَا يَرَىَ * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىَ * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىَ * عِندَهَا جَنّةُ الْمَأْوَىَ * إِذْ يَغْشَىَ السّدْرَةَ مَا يَغْشَىَ } .

اختلفت القرّاء في قراءة أفَتُمارُونَهُ ، فقرأ ذلك عبد الله بن مسعود وعامة أصحابه «أفَتَمْرُونهُ » بفتح التاء بغير ألف ، وهي قراءة عامة أهل الكوفة ، ووجهّوا تأويله إلى أفتجحدونه .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم أنه كان يقرأ : «أفَتَمْرُونَهُ » بفتح التاء بغير ألف ، يقول : أفتجحدونه ومن قرأ أفَتُمارُونَهُ قال : أفتجادلونه . وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة ومكة والبصرة وبعض الكوفيين أفَتُمارُونَهُ بضم التاء والألف ، بمعنى : أفتجادلونه .

والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، وذلك أن المشركين قد جحدوا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أراه الله ليلة أُسري به وجادلوا في ذلك ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وتأويل الكلام : أفتجادلون أيها المشركون محمدا على ما يرى مما أراه الله من آياته .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ} (12)

وتفريع { أفتمارونه } على جملة { ما كذب الفؤاد ما أرى } .

وقرأ الجمهور { أفتمارونه } من المماراة وهي الملاحاة والمجادلة في الإِبطال . وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وخلف { أفتمرونه } بفتح الفوقية وسكون الميم مضارع مَرَاه إذا جحده ، أي أتجحدونه أيضاً فيما رأى ، ومعنى القراءتين متقارب .

وتعدية الفعل فيهما بحرف الاستعلاء لتضمنه معنى الغلبة ، أي هَبْكُم غالبتموه على عبادتكم الآلهة ، وعلى الإِعراض عن سماع القرآن ونحو ذلك أتغلبونه على ما رأى ببصره .