المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ} (12)

قوله تعالى : { أفتمارونه } خطاب لقريش ، وهو من الصراء والمعنى أتجادلونه في شيء رآه وأبصره ، وهذه قراءة الجمهور وأهل المدينة ، وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود وحمزة والكسائي : «أفتَمرونه » بفتح التاء دون ألف بعد الميم ، والمعنى : أفتجحدونه{[10693]} ؟ وذلك أن قريشاً لما أخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره في الإسراء مستقصى ، كذبوا واستخفوا حتى وصف لهم بيت المقدس وأمر عيرهم وغير ذلك مما هو في حديث الإسراء مستقصى ، ورواها سعيد عن النخعي : «أفتُمرونه » بضم التاء ، قال أبو حاتم : وذلك غلط من سعيد . وقوله : { يرى } مستقبلاً والرؤية قد مضت عبارة تعم جميع ما مضى وتشير غلى ما يمكن أن يقع بعد ، وفي هذا نظر .


[10693]:قال ابن خالويه:"الحجة لمن أثبت الألف في [أفتمارونه] أنه أراد: أفتجادلونه، من المماراة والمجادلة بالباطل، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:(لا تماروا بالقرآن فإن مِراء فيه كفر)، والحجة لمن حذفها أنه أراد: أفتجحدونه"، واختار أبو عبيد هذه الأخيرة،قال:"لم يماروه وإنما جحدوه"، ويقال:مريته حقه أي جحدته، قال الشاعر: لئن هجرت أخا صِدق ومكرمة لقد مريت أخا ما كان يمريكا.