الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ} (12)

قوله تعالى : " أفتمارونه على ما يرى " قرأ حمزة والكسائي " أفتمرونه " بفتح التاء من غير ألف على معنى أفتجحدونه . واختاره أبو عبيد ؛ لأنه قال : لم يماروه وإنما جحدوه . يقال : مراه حقه أي جحده ومريته أنا ، قال الشاعر :

لئن هجرت{[14362]} أخا صدقٍ ومكرُمَةٍ *** لقد مَرَيْتَ أخاً ما كان يَمْرِيكَا

أي جحدته . وقال المبرد : يقال مراه عن حقه وعلى حقه إذا منعه منه ودفعه عنه . قال : ومثل على بمعنى عن قول بني كعب بن ربيعة : رضي الله عليك ، أي رضي عنك . وقرأ الأعرج ومجاهد " أفتمرونه " بضم التاء من غير ألف من أمريت ، أي تريبونه وتشككونه . الباقون " أفتمارونه " بألف ، أي أتجادلونه وتدافعونه في أنه رأى الله ، والمعنيان متداخلان ؛ لأن مجادلتهم جحود . وقيل : إن الجحود كان دائما منهم وهذا جدال جديد ، قالوا : صف لنا بيت المقدس وأخبرنا عن عيرنا التي في طريق الشام . على ما تقدم{[14363]} .


[14362]:وروى: هجوت.
[14363]:راجع جـ 10 ص 209.