الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَفَتُمَٰرُونَهُۥ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ} (12)

قوله : { أَفَتُمَارُونَهُ } : قرأ الأخَوان " أَفَتَمْرُوْنَه " بفتح التاء وسكون الميمِ ، والباقون " تُمارونه " . وعبد الله بن مسعود والشعبي " أَفَتُمْرُوْنَه " بضمِّ التاءِ وسكون الميم . فأمَّا الأولى ففيها وجهان ، أحدهما : أنها مِنْ مَرَيْتُه حَقَّهُ إذا غَلَبْتَه وجَحَدْتَه إياه . وعُدِّي ب " على " لتضمُّنِه معنى الغَلَبة . وأُنشِد :

لَئِن هَجَرْتَ أخا صدقٍ ومَكْرُمَةٍ *** لقد مَرَيْتَ أخاً ما كان يَمْرِيكا

لأنه إذا جَحَده حقَّه فقد غَلَبه عليه . والثاني : أنها مِنْ مَراه على كذا أي : غَلَبه عليه فهو مِن المِراء وهو الجِدالُ . وأمَّا الثانيةُ فهي مِنْ ماراه يُماريه مُراءاة أي : جادَلَه . واشتقاقُه مِنْ مَرْي الناقةِ ؛ لأنَّ كلَّ واحد من المتجادِلِيْن يَمْري ما عند صاحبه . وكان مِنْ حَقِّه أن يتعدَّى ب " في " كقولك : جادَلْتُه في كذا ، وإنما ضُمِّن معنى الغَلَبة فعُدِّيَ تَعْدِيَتَها . وأمَّا قراءةُ عبد الله فمِنْ أمراه رباعياً .