المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَاذَا عَلَيۡهِمۡ لَوۡ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِمۡ عَلِيمًا} (39)

39- ألا قبحاً لهؤلاء ، فما الذي يضرهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر ، وبذلوا مما آتاهم الله استجابة لهذا الإيمان ، وما يقتضيه من إخلاص النية ورجاء الثواب ؟ . والله عالم كل العلم ببواطن الأمور وظواهرها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَاذَا عَلَيۡهِمۡ لَوۡ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِمۡ عَلِيمًا} (39)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَأَنْفَقُواْ مِمّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيماً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : أيّ شيء على هؤلاء الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ، ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الاَخر ، لو آمنوا بالله واليوم الاَخر ، لو صدّقوا بأن الله واحد لا شريك له ، وأخلصوا له التوحيد ، وأيقنوا بالبعث بعد الممات ، وصدّقوا بأن الله مجازيهم بأعمالهم يوم القيامة { وأنفقُوا ممّا رزقهُم اللّهُ } يقول وأدّوا زكاة أموالهم التي رزقهم الله ، وأعطاهموها طيبة بها أنفسهم ، ولم ينفقوها رئاء الناس التماس الذكر والفخر عند أهل الكفر بالله ، والمحمدة بالباطل عند الناس ، وكان الله بهؤلاء الذين وصف صفتهم أنهم ينفقون أموالهم رئاء الناس نفاقا ، وهم بالله واليوم الاَخر مكذّبون ، عليما ، يقول : ذا علم بهم وبأعمالهم وما يقصدون ويريدون بانفاقهم ، وما ينفقون من أموالهم ، وأنهم يريدون بذلك الرياء والسمعة والمحمدة في الناس ، وهو حافظ عليهم أعمالهم ، لا يخفى عليه شيء منها حتى يجازيهم بها جزاءهم عنا معادهم إليه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَاذَا عَلَيۡهِمۡ لَوۡ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِمۡ عَلِيمًا} (39)

{ وماذا } استفهام ، وهو هنا إنكاري توبيخي . و ( ذا ) إشارة إلى ( مَا ) ، والأصل لا يجيء بعد ( ذا ) اسم موصول نحو { من ذا الذي يشفع عنده } [ البقرة : 255 ] . وكثر في كلام العرب حذفه وإبقاء صلته لكثرة الاستعمال ، فقال النحاة : نابت { ذا } منابَ الموصول ، فعدّوها في الموصولات وما هي منها في قبيل ولا دبير ، ولكنّها مؤذنة بها في بعض المواضع . { وعلى } ظرف مستقِرّ هو صلة الموصول ، فهو مؤوّل بكون . و { على } للاستعلاء المجازي بمعنى الكلفة والمشقّة ، كقولهم : عَليك أن تفعل كذا . و { لو آمنوا } شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه ، وقد قدّم دليل الجواب اهتماماً بالاستفهام ، كقول قَتيلة بنت الحارث :

مَا كانَ ضَرَّك لو مَننت وربما *** منَّ الفتى وهو المَغيظ المُحْنَقُ

ومن هذا الاستعمال تَوَلَّدَ معنى المصدرية في لو الشرطية ، فأثبته بعض النحاة في معاني لو ، وليس بمعنى لو في التحقيق ، ولكنه ينشأ من الاستعمال . وتقدير الكلام : لو آمنوا ماذا الذي كان يتعبهم ويثقلهم ، أي لكان خفيفاً عليهم ونافعاً لهم ، وهذا من الجدل بإراءة الحالة المتروكة أنفعَ ومحمودةً .

ثم إذا ظهر أنّ التفريط في أخفّ الحالين وأسدّهما أمر نكر ، ظهر أنّ المفرّط في ذلك مَلوم ، إذ لم يأخذ لنفسه بأرشد الخَلَّتين ، فالكلام مستعمل في التوبيخ استعمالا كنائيا بواسطتين . والملام متوجّه للفريقين : الذين يبخلون ؛ والذين ينفقون رئاء ، لقوله : { لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله } على عكس ترتيب الكلام السابق .

وجملة : { وكان الله بهم عليماً } معترضة في آخر الكلام ، وهي تعريض بالتهديد والجزاء على سوء أعمالهم .