13- يُدخل الليل في النهار ويُدخل النهار في الليل بطول ساعات أحدهما وقصرها في الآخر . حسب أوضاع محكمة مدى الأعوام والدهور ، وسخر الشمس والقمر لمنفعتكم ، كل منهما يجري إلى أجل معين ينتهي إليه . ذلك العظيم الشأن هو الله مدبِّر أموركم ، له الملك - وحده - والذين تدعون من غيره آلهة تعبدونها ما يملكون من لفافة نواة ، فكيف يستأهلون العبادة ؟ ! {[185]}
القول في تأويل قوله تعالى : { يُولِجُ الْلّيْلَ فِي النّهَارِ وَيُولِجُ النّهَارَ فِي الْلّيْلِ وَسَخّرَ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلّ يَجْرِي لأجَلٍ مّسَمّى ذَلِكُمُ اللّهُ رَبّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } .
يقول تعالى ذكره : يدخل الليل في النهار ، وذلك ما نقص من الليل أدخله في النهار فزاده فيه ، ويولج النهار في الليل ، وذلك ما نقص من أجزاء النهار زاد في أجزاء الليل ، فأدخله فيها ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يُولِجُ اللّيْلَ فِي النّهارِ وَيُولِجُ النّهارَ فِي اللّيْلِ زيادة هذا في نقصان هذا ، ونقصان هذا في زيادة هذا .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يُولِجُ اللّيْلَ فِي النّهارِ وَيُولِجُ النّهارَ فِي اللّيْلِ يقول : هو انتقاص أحدهما من الاَخر .
وقوله : وسَخّرَ الشّمْسَ والقَمَرَ كُلّ يَجْرَي لأَجَلٍ مُسَمّى يقول : وأَجْرى لكم الشمس والقمر نعمة منه عليكم ، ورحمة منه بكم ، لتعلموا عدد السنين والحساب ، وتعرفوا الليل من النهار .
وقوله : كُلّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمّى يقول : كل ذلك يجري لوقت معلوم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَسَخّرَ الشّمْسَ والقَمَرَ كُلّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمّى أجل معلوم ، وحدّ لا يُقَصّر دونه ولا يتعدّاه .
وقوله : ذَلِكُمُ اللّهُ رَبّكُمْ يقول : الذي يفعل هذه الأفعال معبودكم أيها الناس الذي لا تصلح العبادة إلاّ له ، وهو الله ربكم ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ذَلِكُمُ اللّهُ رَبّكُمْ لَهُ المُلْكُ : أي هو الذي يفعل هذا .
وقوله : لَهُ المُلْكُ يقول تعالى ذكره : له الملك التامّ الذي لا شيء إلاّ وهو في ملُكه وسلطانه .
وقوله وَالّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ يقول تعالى ذكره : والذين تعبدون أيها الناس من دون ربكم الذي هذه الصفة التي ذكرها في هذه الاَيات الذي له المُلك الكامل ، الذي لا يُشبهه ملك ، صفته ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ يقول : ما يملكون قِشْر نواة فما فوقها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عوف ، عمن حدّثه ، عن ابن عباس في قوله : ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ قال : هو جلد النواة .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله مِنْ قِطْمِيرٍ يقول : الجلد الذي يكون على ظهر النواة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ يعني : قشر النواة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : مِن قِطْمِيرٍ قال : لفافة النواة كسحاة البيضة .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ والقطمير : القشرة التي على رأس النواة .
حدثنا عمرو بن عبد الحميد ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن جُوَيبر ، عن بعض أصحابه ، في قوله : ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ قال : هو القِمع الذي يكون على التمرة .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا مرّة ، عن عطية ، قال : القطمير : قشر النواة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.