فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ} (13)

{ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } أي يضيف بعض أجزائهما إلى الآخر فيزيد في أحدهما بالنقص في الآخر وقد تقدم تفسيره في آل عمران وفي مواضع من الكتاب العزيز .

{ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ } عطف على يولج واختلاف الصيغة لما أن إيلاج أحد الملوين في الآخر متجدد حينا فحينا وأما تسخير النيرين فأمر لا تجدد ولا تعدد فيه ، وإنما المتعدد المتجدد آثاره .

{ كُلٌّ } منهما { يَجْرِي } في فلكه { لأَجَلٍ مُّسَمًّى } قدره الله لجريانهما وهو يوم القيامة ، وقيل : هو المدة التي يقطعان في مثلها الفلك وهو سنة للشمس وشهر للقمر ، وقيل : المراد به جري الشمس في اليوم والقمر في الليلة ، وقد تقدم تفسير هذا مستوفى في سورة لقمان .

{ ذَلِكُمُ } أي الفاعل لهذه الأفعال المتقدمة من أول السورة إلى هنا وهو مبتدأ وخبره .

{ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ } أي هذا الذي من صنعته ما تقدم هو الخالق المقدر والقادر والمقتدر المالك للعالم والمتصرف فيه ، ويجوز أن يكون قوله : له الملك جملة مستقلة في مقابلة قوله :

{ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } أي لا يقدرون عليه ولا على خلقه ، والقطمير : القشرة الرقيقة التي تكون بين التمرة والنواة ، وتصير على النواة كاللفافة لها ، وقال المبرد : هو شق النواة ، وقال قتادة : هو القمع الذي على رأس النواة ، قال الجوهري : ويقال هي النكتة البيضاء التي في ظهر النواة تنبت منها النخلة ، وقال ابن عباس : القطمير القشر . وفي لفظ الجلد الذي يكون على ظهر النواة ومعلوم أن في النواة أربعة أشياء يضرب بها المثل في القلة : الفتيل وهو ما في شق النواة ، والقطمير : وهو اللفافة ، والثفروق : وهو ما بين القمع والنواة ، والنقير : وهو ما في ظهرها .