الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ} (13)

قوله : { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ } : " ذلكمْ " مبتدأٌ و " اللَّهُ " خبرُه ، و " ربُّكم " خبرٌ ثانٍ أو نعتٌ لله . وقال الزمخشري : " ويجوز في حكم الإِعرابِ إيقاعُ اسمِ الله صفةً لاسمِ الإِشارةِ ، أو عطفَ بيانٍ ، و " رَبُّكم " خبرٌ ، لولا أنَّ المعنَى يَأْباه " . ورَدَّه الشيخُ : بأنَّ اللَّهَ عَلَمٌ لا جنس فلا يُوْصَفُ به . ورَدَّ قولَه : " إن المعنى يَأْباه " قال : " لأنه يكونُ قد أَخْبر عن المشارِ إليه بتلك الصفاتِ والأفعالِ أنَّه مالِكُكُمْ ومُصْلِحُكم " .

قوله : " والذين تَدْعُوْن " العامَّةُ على الخطاب في " تَدْعُون " لقوله : " ربُّكم " . وعيسى وسلام ويعقوب - وتُرْوى عن أبي عمرٍو - بياءِ الغَيْبة : إمَّا على الالتفاتِ ، وإمَّا على الانتقال إلى الإِخبارِ . والفرقُ بينهما : أنه في الالتفاتِ يكون المرادُ بالضميرَيْن واحداً بخلافِ الثاني ؛ فإنهما غَيْران . و " ما يَمْلِكون " هو خبرُ الموصولِ . و " مِنْ قِطْمير " مفعولٌ به ، و " مِنْ " فيه مزيدةٌ .

والقِطْميرُ : المشهورُ فيه أنَّه لُفافَةُ النَّواةِ . وهو مَثَلٌ في القِلَّة ، كقوله :

3764 وأبوكَ يَخْصِفُ نَعْلَه مُتَوَرِّكاً *** ما يَمْلك المِسْكينُ مِنْ قِطْميرِ

وقيل : هو القُمْعُ . وقيل : ما بين القُمْعِ والنَّواةِ . وقد تقدَّم أنَّ في النَّواةِ أربعةَ أشياءَ يُضْرَبُ بها المَثَلُ في القِلَّة : الفَتِيلُ ، وهو ما في شِقِّ النَّواةِ ، والقِطْميرُ : وهو اللُّفافَةُ ، والنَّقِيْرُ ، وهو ما في ظهرها ، والثُّفْروقُ ، وهو ما بين القُمْع والنَّواة .