البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ} (13)

القمطير : المشهور أنه القشرة الرقيقة التي على نوى التمرة ، ويأتي ما قال المفسرون .

{ يولج الليل في النهار } : تقدم شرح هذه الجمل .

ولما ذكر أشياء كثيرة تدل على قدرته الباهرة ، من إرسال الرياح ، والإيجاد من تراب وما عطف عليه ، وإيلاج الليل في النهار ، وتسخير الشمس والقمر ؛ أشار إلى أن المتصف بهذه الأفعال الغريبة هو الله فقال : { ذلكم الله ربكم له الملك } ، وهي أخبار مترادفة ؛ والمبتدأ { ذلكم } ، و { الله ربكم } خبران ، و { له الملك } جملة مبتدأ في قران قوله : { والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير } .

قال الزمخشري : ويجوز في حكم الإعراب إيقاع اسم الله صفة لاسم الإشارة وعطف بيان ، وربكم خبر ، لولا أن المعنى يأباه . انتهى .

أما كونه صفة ، فلا يجوز ، لأن الله علم ، والعلم لا يوصف به ، وليس اسم جنس كالرجل ، فتتخيل فيه الصفة .

وأما قوله : لولا أن المعنى يأباه ، فلا يظهر أن المعنى يأباه ، لأنه يكون قد أخبر بأن المشار إليه بتلك الصفات والأفعال المذكورة ربكم ، أي مالكم ، أو مصلحكم ، وهذا معنى لائق سائغ ، والذين يدعون من دونه هي الأوثان .

وقرأ الجمهور : تدعون ، بتاء الخطاب ، وعيسى ، وسلام ، ويعقوب : بياء الغيبة .

وقال صاحب الكامل أبو القاسم بن جبارة : يدعون بالياء ، اللؤلؤي عن أبي عمرو وسلام ، والنهاوندي عن قتيبة ، وابن الجلاء عن نصير ، وابن حبيب وابن يونس عن الكسائي ، وأبو عمارة عن حفص .

والقطمير ، تقدم شرحه .

وقال جويبر عن رجاله ، والضحاك : هو القمع الذي في رأس التمرة .

وقال مجاهد : لفافة النواة ؛ وقيل : الذي بين قمع التمرة والنواة ؛ وقيل : قشر الثوم ؛ وأياً ما كان ، فهو تمثيل للقليل ، وقال الشاعر :

وأبوك يخفف نعله متوركاً *** ما يملك المسكين من قطمير