قوله : { يُولِجُ الليل فِي النهار وَيُولِجُ النهار فِي الليل } وهذا استدلال آخر باختلاف الأزمنة وقوله : { وَسَخَّرَ الشمس والقمر } جواب لسؤال يذكره المشركون وهوأنهم قالوا اختلاف الليل والنهار بسبب اختلاف القسيّ الواقعة{[45166]} فوق الأرض وتحتها فإن الصيف تكون الشمس على سَمْتِ الرُّؤُوس في بعض البلاد المائلة الآفاق{[45167]} وحركة الشمس هناك مائلة فتقع تحت الأرض أقل من نصف دائرة فيقل زمان مكثها تحت الأرض فيقْصُرُ الليل وفي الشتاء بالضَّدّ فيقصر النهار فقال الله تعالى : { وَسَخَّرَ الشمس والقمر } يعني سبب{[45168]} الاختلاف وإن كان ما ذكرتم لكن سير الشمس والقمر بإرادة الله وقدرته فهو الذي فعل ذلك{[45169]} «كُلُّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسمَّى » .
قوله : { ذَلِكُمُ الله رَبُّكُم } ذلكم مبتدأ و «الله » خبره و «ربكم » خبر ثانٍ{[45170]} أو نعت{[45171]} لله . وقال الزخشري : ويجوز في حكم الإعراب إيقاع اسم الله صفة لاسم الإشارة أو عطف بيان و «ربكم » خبر لولا أن المعنى يأباه{[45172]} وردهُ أبو حيان بأن «اللَّهَ » علم لا جنس فلا يُوصَفُ به{[45173]} . ورد قوله إنّ المعنى يأباه قال : لأنه يكون قد أخبر عن المُشِار إليه بتلك الصفات{[45174]} أنه مَالِكُكُمْ ومُصْلِحُكُمْ .
المعنى ذلك الذي فعل هذه الأشياء من فَطْرِ السَّمَواتِ والأرض وإرْسَالِ الأرواح وخَلْقِ الإنسان من ترابٍ وغيرذلك له الملك كله فلا معبود إلا هو فإذا كان له الملك كله فله العبادة كلها . ثم بين ما ينافي صفة الإلهية فقال : { والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ } يعني الأصنام { مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِير }{[45175]}
قوله : { والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ } العامة على الخطاب في «تَدْعُونَ » لقوله : «رَبُّكُمْ » وعيسى وسَلاَّم ويعقوبُ - وتُرْوَى عن أبي عمرو - بياء الغيبة{[45176]} إمَّا على الالتفات وإمَّا على الانتقال إلى الإخبار . والفرق بينهما أن يكون في الالتفات المراد بالضميرين واحداً بخلاف الثاني فإنهما غَيْرَانِ{[45177]} و «يَمْلِكُونَ » هو خبر الموصول و «مِنْ قِطْمِير » مفعول به ؟ و «مِنْ » فيه مزيدة{[45178]} والقطمير المشهور فيه أنه لُفَافَة النَّواة . وهو مَثَلٌ في القِلَّةِ كقوله :
4157- وَأبُوكَ يخْصِفُ نَعْلهُ مُتَوَرِّكاً . . . مَا يَمْلِكُ المِسْكِينُ مِنْ قِطْمِير{[45179]}
وقيل : هو القُمْعُ وقيل : ما بين القُمْع والنَّواة{[45180]} وقد تقدم أن النَواةَ أربعة أشياء يضرب بها المثل في القِلَّة : الفتيل وهو ما في شقِّ النَّواة ، والقطمير وهو اللفافة والنَّقيرُ والثفروقُ وهو ما بين القُمْعِ والنَّواةِ{[45181]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.