ثم بين - عز وجل - ما أعده للمؤمنين فى الآخرة فقال : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ } .
والتحية : أن يقول قائل للشخص : حياك الله ، أى : جعل لك حاية طيبة .
وهذه التحية للمؤمنين فى الآخرة ، تشمل تحية الله - تعالى - لهم ، كما فى قوله - سبحانه - : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }
وتشمل تحية الملائكة لهم ، كما فى قوله - تعالى - : { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار } كما تشمل تحية بعضهم لبعض كما فى قوله - عز وجل - : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهم وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين } أى : تحية المؤمنين يوم يلقون الله - تعالى فى الآخرة ، أو عند قبض أرواحهم ، سلام وأمان لهم من كل ما يفزعهم أو يخيفهم أو يزعجهم .
{ وَأَعَدَّ لَهُمْ } - سبحانه - يوم القيامة { أَجْراً كَرِيماً } هو الجنة التى فيها مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
ثم أخبر تعالى برحمته بالمؤمنين تأنيساً لهم ، وقوله { يوم يلقونه } قيل يوم القيامة المؤمن تحييه الملائكة ب «السلام » ومعناه السلامة من كل مكروه ، وقال قتادة يوم دخولهم الجنة يحيي بعضهم بعضاً بالسلام ، أي سلمنا وسلمت من كل مخوف ، وقيل تحييهم الملائكة يومئذ ، و «الأجر الكريم » ، جنة الخلد في جواره تبارك وتعالى .
أعقب الجزاء العاجل الذي أنبأ عنه قوله : { هو الذي يصلي عليكم وملائكته } [ الأحزاب : 43 ] بذكر جزاء آجل وهو ظهور أثر الأعمال التي عملوها في الدنيا وأثر الجزاء الذي عجّل لهم عليها من الله في كرامتهم يوم يلقون ربهم .
فالجملة تكملة للتي قبلها لإِفادة أن صلاة الله وملائكته واقعة في الحياة الدنيا وفي الدار الآخرة .
والتحية : الكلام الذي يخاطب به عندَ ابتداء الملاقاة إعراباً عن السرور باللقاء من دعاء ونحوه . وهذا الاسم في الأصل مصدر حيّاه ، إذا قال له : أحْياك الله ، أي أطال حياتك . فسمى به الكلام المعرب عن ابتغاء الخير للملاقَى أو الثناء عليه لأنه غلب أن يقولوا : أحياك الله عند ابتداء الملاقاة فأطلق اسمها على كل دعاء وثناء يقال عند الملاقاة وتحية الإِسلام : سَلامٌ عليك أو السلامُ عليكم ، دعاء بالسلامة والأمن ، أي من المكروه لأن السلامة أحسن ما يُبتغى في الحياة . فإذا أحياه الله ولم يُسلِّمه كانت الحياة أَلَما وشراً ، ولذلك كانت تحيةُ المؤمنين يوم القيامة السلامَ بشارة بالسلامة مما يشاهده الناس من الأهوال المنتظرة . وكذلك تحية أهل الجنة فيما بينهم تلذّذاً باسم ما هم فيه من السلامة من أهوال أهل النار ، وتقدم في قوله : { وتحيتهم فيها سلام } في سورة يونس ( 10 ) .
وإضافة التحية إلى ضمير المؤمنين من إضافة اسم المصدر إلى مفعوله ، أي تحية يُحَيَّون بها .
ولقاء الله : الحضور من حضرة قدسه للحساب في المحشر . وتقدم تفصيل الكلام عليها عند قوله تعالى : { واعلموا أنكم ملاقوه } في سورة البقرة ( 223 ) . وهذا اللقاء عام لجميع الناس كما قال تعالى : { فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه } [ التوبة : 77 ] فميّز الله المؤمنين يومئذٍ بالتحية كرامة لهم .
وجملة { وأعد لهم أجراً كريماً } حال من ضمير الجلالة ، أي يحييهم يوم يلقونه وقد أعد لهم أجراً كريماً . والمعنى : ومن رحمته بهم أن بدأهم بما فيه بشارة بالسلامة وقد أعدّ لهم أجراً كريماً إتماماً لرحمته بهم .
والأجر : الثواب . والكريم : النفيس في نوعه ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { إني ألقي إلي كتاب كريم } في سورة النمل ( 29 ) . والأجر الكريم : نعيم الجنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.