فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{تَحِيَّتُهُمۡ يَوۡمَ يَلۡقَوۡنَهُۥ سَلَٰمٞۚ وَأَعَدَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَرِيمٗا} (44)

ثم بيّن سبحانه : أن هذه الرحمة منه لا تخص السامعين وقت الخطاب ، بل هي عامة لهم ولمن بعدهم وفي الدار الآخرة ، فقال : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سلام } أي تحية المؤمنين من الله سبحانه يوم لقائهم له عند الموت أو عند البعث أو عند دخول الجنة ، هي التسليم عليهم منه عزّ وجلّ . وقيل المراد : تحية بعضهم لبعض يوم يلقون ربهم سلام ؛ وذلك لأنه كان بالمؤمنين رحيماً ، فلما شملتهم رحمته وأمنوا من عقابه حيا بعضهم بعضاً سروراً واستبشاراً . والمعنى : سلامة لنا من عذاب النار . قال الزجاج : المعنى : فيسلمهم الله من الآفات ، ويبشرهم بالأمن من المخافات يوم يلقونه .

وقيل : الضمير في { يلقونه } راجع إلى ملك الموت ، وهو الذي يحييهم كما ورد أنه لا يقبض روح مؤمن إلاّ سلم عليه . وقال مقاتل : هو تسليم الملائكة عليهم يوم يلقون الربّ كما في قوله : { والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ * سلام عَلَيْكُمُ } [ الرعد : 23 ، 24 ] { وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } أي أعدّ لهم في الجنة رزقاً حسناً ، ما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم .

/خ48