البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{تَحِيَّتُهُمۡ يَوۡمَ يَلۡقَوۡنَهُۥ سَلَٰمٞۚ وَأَعَدَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَرِيمٗا} (44)

{ تحيتهم يوم يلقونه } : أي يوم القيامة .

{ سلام } : أي تحية الله لهم .

يقول للمؤمنين : السلام عليكم ، مرحباً بعبادي الذين أرضوني باتباع أمري ، قاله الرقاشي .

وقيل : يحييهم الملائكة بالسلامة من كل مكروه .

وقال البراء بن عازب : معناه أن ملك الموت لا يقبض روح المؤمن حتى يسلم عليه .

وقال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن قال : ربك يقرؤك السلام ، قيل : فعلى هذا الهاء في قوله : { يلقونه } كناية عن غير مذكور ، وقيل : سلام الملائكة عند خروجهم من القبور .

وقال قتادة : يوم دخولهم الجنة يحيي بعضهم بعضاً بالسلام ، أي سلمنا وسلمت من كل مخوف .

وقيل : تحييهم الملائكة يومئذ .

وقيل : هو سلام ملك الموت والملائكة معه عليهم ، وبشارتهم بالجنة .

والتحية مصدر في هذه الأقوال أضيف إلى المفعول ، إلا في قول من قال إنه مصدر مضاف للمحيي والمحيا ، لا على جهة العمل ، لأن الضمير الواحد لا يكون فاعلاً مفعولاً ، ولكنه كقوله :

{ وكنا لحكمهم شاهدين } أي للحكم الذي جرى بينهم ، وليبعث إليهم ، فكذلك هذه التحية الجارية بينهم هي سلام .

وفرق المبرد بين التحية والسلام فقال : التحية يكون ذلك دعاء ، والسلام مخصوص ، ومنه : { ويلقون فيها تحية وسلاماً } والأجر الكريم : الجنة ،