فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{تَحِيَّتُهُمۡ يَوۡمَ يَلۡقَوۡنَهُۥ سَلَٰمٞۚ وَأَعَدَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَرِيمٗا} (44)

ثم بين سبحانه أن هذه الرحمة منه لا تخص السامعين وقت الخطاب ، بل هي عامة لهم ، ولمن بعدهم ، وفي الدار الآخرة فقال : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ } أي تحية المؤمنين من الله سبحانه يوم لقائهم له عند الموت ، أو عند البعث ، وعند دخول الجنة هي التسليم عليهم منه عز وجل . يقول الله تبارك وتعالى : السلام عليكم ، وقيل : المراد تحية بعضهم لبعض يوم يلقون ربهم : سلام ، وذلك لأنه كان بالمؤمنين رحيما ، فلما شملتهم رحمته وأمنوا من عقابه ، حيا بعضهم بعضا سرورا واستبشارا ، والمعنى : سلامة لنا من عذاب النار .

قال الزجاج : المعنى فيسلمهم الله من الآفات ، ويبشرهم بالأمن من المخافات يوم يلقونه وقيل :الضمير في يلقونه راجع إلى ملك الموت ، وهو الذي يحييهم كما ورد أنه لا يقبض روح مؤمن إلا سلم عليه ، قاله البراء بن عازب ، وقال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن قال : ربك يقرئك السلام ، وقال مقاتل : هو تسليم الملائكة عليهم يوم يلقون الرب كما في قوله : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } .

{ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا } أي في الجنة ، أو أعد لهم في الجنة رزقا حسنا ، ما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم ، وهذا بيان لآثار رحمته تعالى الفائضة عليهم بعد دخول الجنة عقيب بيان آثار رحمته الواصلة إليهم قبل ذلك .