المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمُۘ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (20)

20- الذين آتيناهم الكتب السماوية من اليهود والنصارى ، يعرفون محمداً وصدق رسالته ، من هذه الكتب ، كمعرفتهم أبناءهم . إن الذين ضيعوا أنفسهم ، لا يقرون بما يعرفون ، فهم لا يؤمنون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمُۘ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (20)

ثم ساق القرآن شهادة ثالثة بصدق النبى صلى الله عليه وسلم وهى شهادة أهل الكتاب فقال { الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ الذين خسروا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } :

قال الجمل فى حاشيته على الجلالين : " روى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وأسلم عبد الله بن سلام قال له عمر : إن الله أنزل على نبيه بمكة : { الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ } فكيف هذه المعرفة ؟ فقال عبد الله بن سلام : يا عمر ، لقد عرفته حين كما أعرف ابنى ، ولأنا أشد معرفة بمحمد منى بابنى ! ! فقال عمر : كيف ذلك ؟ فقال : أشهد انه رسول الله حقاً ولا أدرى ما تصنع النساء " .

والمعنى : إن علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، يعرفون صدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم معرفة تماثل معرفتهم لأبنائهم الذين هم من أصلابهم ، فهى معرفة بلغت حد اليقين وذلك بسبب ما عندهم من الأخبار والأنباء عن المرسلين المتقدمين ، فإن الرسل كلهم بشروا بوجود محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه وصفته وبلده ومهاجره وصفة أمته .

والضمير فى { يَعْرِفُونَهُ } يرى أكثر المفسرين أنه يعود على النبى صلى الله عليه وسلم ويؤيد ذلك سبب نزول الآية ، ويرى بعضهم أنه يعود على القرآن لتقدمه فى قوله { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذا القرآن } أو على التوحيد لدلالة قوله { قُلْ إِنَّمَا هُوَ إله وَاحِدٌ } .

والأولى عودة الضمير على جميع ما ذكر ، لأن معرفتهم بما فى كتابهم يتناول كل ذلك .

ثم بين - سبحانه - علة إنكار المكابرين منهم لما يعرفونه من أمر نبوته صلى الله عليه وسلم فقال : { الذين خسروا أَنْفُسَهُمْ } من المشركين ومن أهل الكتاب الجاحدين { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } به جمعوا بين أمرين متناقضين فكذبوا على الله بما لا حجة عليه ، وكذبوا بما ثبت بالحجة البينة والبرهان الصحيح حيث قالوا : { لَوْ شَآءَ الله مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا } وقالوا { والله أَمَرَنَا بِهَا } وقالوا : " الملائكة بنات الله " ونسبوا إليه تحريم البحائر والسوائب ، وذهبوا فكذبوا القرآن والمعجزات وسموها سحراً ولم يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم .

وهذه الآية الكريمة من الآيات التى قيل أنها مدنية ، والصحيح أنها مكية ، ويشهد لذلك سبب النزول الذى سقناه عن عمر - رضى الله عنه - فقد قال لعبد الله بن سلام : " إن الله أنزل على نبيه بمكة " إلخ .

ويؤكد كونها مكية - أيضا - سياق الآيات قبلها ، فالآية التى قبلها وهى قوله - تعالى - : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً } . إلخ . فيها شهادة من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بأنه صادق فيما يبلغه عن ربه ، والآية التى معنا فيها شهادة من أهل الكتاب بأنهم يعرفون صدق محمد صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم ، ومن المعروف أن أهل مكة كانوا يسألون أهل الكتاب عن النبى صلى الله عليه وسلم وفضلا عن ذلك لم يرد نص صحيح يثبت أن هذه الآية الكريمة قد نزلت بالمدينة .

قال بعض العلماء : ويظهر أنهم - أى القائلون بأن الآية مدنية - لما وجدوا الحديث فى هذه الآية عن أهل الكتاب ، ووجدوا أن هذه الآية نظيرة لآية أخرى مدنية تبدأ بما بدأت به ، وهى قوله - تعالى - : فى سورة البقرة

{ الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق وَهُمْ يَعْلَمُونَ } الاية 146 ، ومن المعروف أن صلة الإسلام بأهل الكتاب إنما كانت بعد الهجرة وفى المدينة دون مكة ، لما وجدوا هذا قرروا أن الآية مدنية ، فالمسألة ليست إلا اجتهاداً حسب رواية مسندة ، وهو اجتهاد غير صحيح .

ولما كان هذا الخسران أكبر ظلم ظلم به هؤلاء الكفار أنفسهم فقد قال - تعالى - فى شأنهم : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمُۘ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (20)

ثم قال مخبرًا عن أهل الكتاب : إنهم يعرفون هذا الذي جئتهم{[10605]} به كما يعرفون أبناءهم ، بما عندهم من الأخبار والأنباء عن المرسلين المتقدمين والأنبياء ، فإن الرسل كلهم بَشَّروا بوجود محمد{[10606]} صلى الله عليه وسلم وببعثه{[10607]} وصفتة ، وبلده ومُهَاجَرِه ، وصفة أمته ؛ ولهذا قال بعد هذا : { الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ } أي : خسروا كل الخسارة ، { فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } بهذا الأمر الجلي الظاهر الذي بشرت به الأنبياء ، ونوهت به في قديم الزمان وحديثه .


[10605]:في أ: "جئتكم".
[10606]:في م: "النبي".
[10607]:في أ: "وبنعته".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمُۘ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (20)

{ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه } يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بحليته المذكورة في التوراة والإنجيل . { كما يعرفون أبناءهم } بحلاهم . { الذين خسروا أنفسهم } من أهل الكتاب والمشركين { فهم لا يؤمنون } لتضييعهم ما به يكتسب الإيمان .