ولما أثبت شهادة الله تعالى له{[29184]} بالتصديق بأنه محق ، وكان ذلك ربما{[29185]} أوهم أن غير الله تعالى لا يعرف ذلك ، لا سيما وقد ادعى كفار قريش أنهم سألوا أهل الكتابين فادعوا{[29186]} أنهم لا يعرفونه ، أتبعه بقوله على طريق الاستئناف : { الذين آتيناهم } أي بما لنا من العظمة من اليهود والنصارى { الكتاب } أي الجامع لخيري الدنيا والآخرة ، وهو التوراة والإنجيل { يعرفونه } أي الحق الذي كذبتم به لما جاءكم وحصل النزاع بيني وبينكم فيه لما عندهم في كتابهم من وصفي الذي لا يشكون فيه ، ولما هم بمثله آنسون مما أثبت به من المعجزات ، ولما في هذا القرآن من التصديق لكتابهم والكشف لما أخفوا من أخبارهم ، ولأساليبه{[29187]} التي لا يرتابون في أنها خارجة من مشكاة كتابهم مع زيادتها بالإعجاز{[29188]} ، فهم يعرفون هذا الحق { كما يعرفون أبناءهم } أي من بين الصبيان بحُلاهم ونعوتهم معرفة لا يشكون{[29189]} فيها ، وقد وضعتموهم موضع الوثوق ، وأنزلتموهم منزلة الحكم بسؤالكم لهم عني غير مرة ، وقد آمن بي جماعة منهم وشهدوا لي ، فما لكم لا تتابعونهم ! لقد بان الهوى وانكشف عن ضلالكم الغطاء .
ولما كان أكثرهم يخفون{[29190]} ذلك ولا يشهدون به ، قال جواباً لمن يسأل عنهم : { الذين خسروا } أي منهم ، ولكنه حذفها للتعميم { أنفسهم فهم } أي بسبب ذلك { لا يؤمنون } أي لما سبق لهم من القضاء بالشقاء الذي{[29191]} خسروا به أنفسهم بالعدول عما دعت إليه الفطرة السليمة والفكرة المستقيمة ، ومن خسر نفسه فهو لا يؤمن فكيف يشهد ! فقد بينت{[29192]} هذه الجملة أن من لا يشهد منهم فهو في الحقيقة ميت أو موات ، لأن من ماتت نفسه كذلك ، بل هم أشقى{[29193]} منه ، فلقد أداهم{[29194]} ذلك{[29195]} الشقاء إلى أن حرفوا كتابهم وأخفوا كثيراً مما يشهد لي بالنبوة ، فكانوا أظلم الخلق بالكذب في كتاب الله للتكذيب لرسل الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.