ثم حكى القرآن معجزة أخرى لموسى تشهد بصدقة فقال : { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } النزع : إخراج الشىء من مكانه . أى : وأخرج موسى يده من درعه بعد أن أدخلها فيه أو من طوق قميصه ، أو من إبطه فإذا هى بيضاء بياضاً عجيبا خارقا للعادة من غير أن يكون بها على من مرض أو غيره . قيل : إنه كان لها شعاع يغلب ضوء الشمس .
قال الآلوسى : قوله { فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } أى : بيضاء بياضا نورانيا خارجا عن العادى يجتمع عليه النظار . وقيل المعنى : بيضاء لأجل النظار لا أنها بيضاء في اصل خلقتها ، لأنه - عليه السلام - كان آدم - أى أسمر - شديد الأدمة فقد أخرج البخارى عن عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وأما موسى فآدم جثيم سبط كأنه من رجال الزط " وعنى صلى الله عليه وسلم بالزط جنسا من السودان والهنود .
وقوله : { وَنزعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ } أي : نزع يده : أخرجها من درعه بعد ما أدخلها فيه فخرجت بيضاء تتلألأ من غير بَرَص ولا مرض ، كما قال تعالى : { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } [ النمل : 12 ]{[12000]}
وقال ابن عباس في حديث الفتون : [ أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء ]{[12001]} { مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } يعني : من غير برص ، ثم أعادها إلى كمه ، فعادت إلى لونها الأول . وكذا قال مجاهد وغير واحد .
قال أبو جعفر : وأما قوله : وَنَزَعَ يَدَهُ فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ فإنه يقول : وأخرج يده فإذا هي بيضاء تلوح لمن نظر إليها من الناس ، وكان موسى فيما ذكر لنا آدم ، فجعل الله تحوّل يده بيضاء من غير برص له آية وعلى صدق قوله إنّي رَسُولٌ مِنْ رَبّ العالَمِينَ حُجّة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا العباس ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : حدثنا الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب ، قال : ثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء يعني : من غير برص ثم أعادها إلى كمه ، فعادت إلى لونها الأوّل .
حدثني المثنى ، قال : قال : عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ يقول : من غير برص .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : وَنَزَعَ يَدَهُ فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ قال : نزع يده من جيبه بيضاء من غير برص .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَنَزَعَ يَدَهُ أخرجها من جيبه ، فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ .
حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو سعد ، قال : سمعت مجاهدا يقول في قوله : وَنَزَعَ يَدَهُ قال : نزع يده من جيبه ، فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ وكان موسى رجلا آدم ، فأخرج يده ، فإذا هي بيضاء أشدّ بياضا من اللبن مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ، قال : من غير برص آية لفرعون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.