وما دام ا لأمر كما ذكرنا لك - أيها الرسول الكريم - { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وانتظر إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ } . أى : فأعرض عن هؤلاء المشركين ، وعن أقوالهم الفاسدة دون أن تلتفت إليها ، وامض فى طريقك أنت وأتباعك ، وانتظر النصرة عليهم بفضلنا وإرادتنا ، إنهم - أيضاً - منتظرون ما سيئول إليه أمرك ، وسيكون أمرك بخلاف ما يمكرون وما ينتظرون .
وبعد : فهذا تفسير وسيط لسورة السجدة ، نسأل الله - تعالى - أن يجعله خالصاً لوجهه ، ونافعاً لعباده .
ثم يعقبه الإيقاع الأخير في السورة :
( فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون ) . .
وفي طياته تهديد خفي بعاقبة الانتظار ، بعد أن ينفض الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يده من أمرهم ، ويدعهم لمصيرهم المحتوم .
وتختم السورة على هذا الإيقاع العميق ، بعد تلك الجولات والإيحاءات والمشاهد والمؤثرات ، وخطاب القلب البشري بشتى الإيقاعات التي تأخذه من كل جانب ، وتأخذ عليه كل طريق . .
والانتظار : الترقب . وأصله مشتق من النظر فكأنه مطاوع : أنظره ، أي أراه فانتظر ، أي : تكلف أن ينظُر . وحذف مفعول { انتظر } للتهويل ، أي : انتظر أياماً يكون لك فيها النصر ، ويكون لهم فيها الخسران مثل سني الجوع إنْ كان حصلت بعد نزول هذه السورة ، ومثل يوم بدر ويوم فتح مكة وهما بعد نزول هذه السورة لا محالة ، ففي الأمر بالانتظار تعريض بالبشارة للمؤمنين بالنظر ، وتعريض بالوعيد للمشركين بالعذاب في الدارين .
وجملة { إنهم منتظرون } تعليل لما تضمنه الأمر بالانتظار من إضمار العذاب لهم . ومفعول { منتظرون } محذوف دل عليه السياق ، أي منتظرون لكم الفرصة لحربكم أو لإخراجكم قال تعالى : { أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون } [ الطور : 30 ] وقال : { ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء } [ التوبة : 98 ] أي لم نكن ظالمين في تقدير العذاب لهم لأنهم بدأوا بالظلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.