روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ} (30)

{ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ، وعن ابن عباس أن ذلك منسوخ بآية السيف ، ولا يخفي أنه يحتمل أن المراد الاعراض عن مناظرتهم لعدم نفعها أو تخصيصه بوقت معين فلا يتعين النسخ .

{ وانتظر } النصرة عليهم وهلاكهم { إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ } قال الجمهور : أي الغلبة عليكم كقوله تعالى : { فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبّصُونَ } [ التوبة : 2 5 ] وقيل : الأظهر أن يقال : إنهم منتظرون هلاكهم كما في قوله تعالى : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مّنَ الغمام } [ البقرة : 0 21 ] الآية ، ويقرب منه ما قيل : وانتظر عذابنا لهم إنهم منتظرون أي هذا حكمهم وإن كانوا لا يشعرون فإن استعجالهم المذكور وعكوفهم على ما هم عليه من الكفر والمعاطي في حكم انتظارهم العذاب المترتب عليه لا محالة . وقرأ اليماني { مُنتَظِرُونَ } بفتح الظاء اسم مفعول على معنى أنهم أحقاء أن ينتظر هلاكهم أو أن الملائكة عليهم السلام ينتظرونه والمراد أنهم هالكون لا محالة هذا .

ومن باب الإشارة : { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وانتظر إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ } [ السجدة : 0 3 ] فيه إشارة إلى أنه ينبغي الأعراض عن المنكرين المستهزئين بالعارفين والسالكين إذا لم ينجع فيهم الإرشاد والنصيحة وإلى أنهم هالكون لا محالة فإن الإنكار الذي لا يعذر صاحبه سم قاتل وسهم هدفه المقاتل نعوذ بالله تعالى من الحور بعد الكور بحرمة حبيبه الأكرم صلى الله عليه وسلم .