الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ} (30)

قوله تعالى : " فأعرض عنهم " معناه فأعرض عن سفههم ولا تجبهم إلا بما أمرت به . " وانتظر إنهم منتظرون " أي انتظر يوم الفتح ، يوم يحكم الله لك عليهم . ابن عباس : " فأعرض عنهم " أي عن مشركي قريش مكة ، وأن هذا منسوخ بالسيف في " براءة " في قوله : " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " {[12689]} [ التوبة : 5 ] . " وانتظر " أي موعدي لك . قيل : يعني يوم بدر . " إنهم منتظرون " أي ينتظرون بكم حوادث الزمان . وقيل : الآية غير منسوخة ، إذ قد يقع الإعراض مع الأمر بالقتال كالهدنة وغيرها . وقيل : أعرض عنهم بعدما بلغت الحجة ، وانتظر إنهم منتظرون . إن قيل : كيف ينتظرون القيامة وهم لا يؤمنون ؟ ففي هذا جوابان : أحدهما : أن يكون المعنى إنهم منتظرون الموت وهو من أسباب القيامة ، فيكون هذا مجازا . والآخر : أن فيهم من يشك وفيهم من يؤمن بالقيامة ، فيكون هذا جوابا لهذين الصنفين . والله أعلم . وقرأ ابن السميقع : " إنهم منتظرون " بفتح الظاء . ورويت عن مجاهد وابن محيصن . قال الفراء : لا يصح هذا إلا بإضمار ، مجازه : إنهم منتظرون بهم . قال أبو حاتم : الصحيح الكسر ، أي انتظر عذابهم إنهم منتظرون هلاكك . وقد قيل : إن قراءة ابن السميقع ( بفتح الظاء ) معناها : وانتظر هلاكهم فإنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم ، يعني أنهم هالكون لا محالة ، وانتظر ذلك فإن الملائكة في السماء ينتظرونه ، ذكره الزمخشري . وهو معنى قول الفراء . والله أعلم .


[12689]:راجع ج 7 ص 72.