المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا} (44)

44- وهل تظن أن أكثرهم يسمعون سماع الفهم أو يهتدون بعقولهم ؟ ! لقد نفذوا ما تأمرهم به أحلامهم ، وصاروا كالبهائم لا همّ لهم إلا الأكل والشرب ومتاع الحياة الدنيا ، ولا تفكير لهم فيما وراء ذلك ، بل هم شر مكاناً من البهائم ، فالبهائم تنقاد لأصحابها إلي ما فيه خيرها ، وتنأي عما يضرها ، وهؤلاء يلقون بأنفسهم فيما يهلكهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا} (44)

ثم أضاف - سبحانه - إلى توبيخهم السابق توبيخا أشد وأنكى فقال - تعالى - : { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ . . . } .

و " أم " هنا : هي المنقطعة ، وهى تجمع فى معناها بين الإضراب الانتقالى ، والاستهفام الإنكارى .

أى : بل أتحسب أن أكثر هؤلاء الكافرين يسمعون ما ترشدهم إليه سماع تدبر وتعقل ، أو يعقلون ما تأمرهم به أو تنههم عنه بافنتاح بصيرة ، وباستعداد لقبول الحق . .

كلا إنهم ليسوا كذلك ، لاستيلاء الجحود والحسد على قلوبهم .

وقال - سبحانه - { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ . . . } لأن هناك قلة منهم كانت تعرف الحق معرفة حقيقية ، ولكن المكابرة والمعاندة ومتابعة الهوى . . . حالت بينها وبين الدخول فيه ، واتباع ما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم .

وقوله - سبحانه - : { إِنْ هُمْ إِلاَّ كالأنعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } ذم لهم على عدم انتفاعهم بالهداية التى أرسلها الله - تعالى - إليهم .

أى : هؤلاء المشركون ليسوا إلى كالأنعام فى عدم الانتفاع بما يقرع قلوبهم وأسماعهم من توجيهات حكيمة ، بل هم أضل سبيلا من الأنعام : لأن الأنعام تناقد لصاحبها الذى يحسن إليها ، أما هؤلاء فقد قابلوا نعم الله بالكفر والجحود .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما معنى ذكر الأكثر ؟ قلت : كان فيهم من لا يصده عن الإسلام إلى داء واحد ، وهو حب الرياسة ، وكفى به داء عضالا .

فإن قلت : كيف جُعِلوا أضل من الأنعام ؟ قلت : لأن الأنعام تناقد لأربابها التى تعلفها وتتعهدها ، وتعرف من يحسن إليها ممن يسىء إليها ، وتطلب ما ينفعها وتتجنب ما يضرها ، وتهتدى لمراعيها ومشاربها ، وهؤلاء لا ينقادون لربهم ، ولا يعرفون إحسانه إليهم ، من إساءة الشيطان الذى هو عدوهم ، ولا يطلبون الثواب الذى هو أعظم المنافع ، ولا يتقون العقاب الذى هو أشد المضار والمهالك . .

وهكذا نرى الآيات الكريمة تصف هؤلاء المستهزئين برسولهم صلى الله عليه وسلم بأوصاف تهبط بهم عن درجة الأنعام ، وتتوعدهم بما يستحقونه من عذاب مهين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا} (44)

21

ثم يخطو خطوة أخرى في تحقير هؤلاء الذين يتعبدون هواهم ، ويحكمون شهواتهم ، ويتنكرون للحجة والحقيقة ، تعبدا لذواتهم وهواها وشهواتها . يخطو خطوة أخرى فيسويهم بالأنعام التي لا تسمع ولا تعقل . ثم يخطو الخطوة الأخيرة فيدحرجهم من مكانة الأنعام إلى درك أسفل و أحط :

( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ? إن هم إلا كالأنعام . بل هم أضل سبيلا ) .

وفي التعبير تحرز وإنصاف ، إذ يذكر( أكثرهم )ولا يعمم ، لأن قلة منهم كانت تجنح إلى الهدى ، أو تقف عند الحقيقة تتدبرها . فأما الكثرة التي تتخذ من الهوى إلها مطاعا ، والتي تتجاهل الدلائل وهي تطرق الأسماع والعقول ، فهي كالأنعام . وما يفرق الإنسان من البهيمة إلا الاستعداد للتدبر والإدراك ، والتكيف وفق ما يتدبر ويدرك من الحقائق عن بصيرة وقصد وإرادة واقتناع ، ووقوف عند الحجة والاقتناع . بل إن الإنسان حين يتجرد من خصائصه هذه ليكونن أحط من البهيمة ، لأن البهيمة تهتدى بما أودعها الله من استعداد ، فتؤدي وظائفها أداء كاملا صحيحا . بينما يهمل الإنسان ما أودعه الله من خصائص ، ولا ينتفع بها كما تنتفع البهيمة :

( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) . .

وهكذا يعقب على استهزائهم برسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ذلك التعقيب الذي يخرج المستهزئين من إطار الآدمية في عنف واحتقار ومهانة .

وهكذا ينتهي الشوط الثاني في السورة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا} (44)

{ أم تحسب } بل أتحسب . { أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون } فتجدي لهم الآيات أو الحجج فتهتم بشأنهم وتطمع في إيمانهم ، وهو أشد مذمة مما قبله حتى حق بالإضراب منه إليه ، وتخصيص الأكثر لأنه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استكبارا وخوفا على الرئاسة . { إن هم إلا كالأنعام } في عدم انتفاعهم بقرع الآيات آذانهم وعدم تدبرهم فيما شاهدوا من الدلائل والمعجزات . { بل هم أضل سبيلا } من الأنعام لأنها تنقاد لمن يتعهدها وتميز من يحسن إليها ممن يسيء إليها ، وتطلب ما ينفعها وتتجنب ما يضرها وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه من إساءة الشيطان ، ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار ، ولأنها إن لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا لم تعتقد باطلا ولم تكتسب شرا ، بخلاف هؤلاء ولأن جهالتها لا تضر بأحد وجهالة هؤلاء تؤدي إلى هيج الفتن وصد الناس عن الحق ، ولأنها غير متمكنة من طلب الكمال فلا تقصير منها ولا ذم وهؤلاء مقصرون ومستحقون أعظم العقاب على تقصيرهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا} (44)